الحل الجذري لأزمات الرياضة المزمنة يكمن في نسف نظام الانتخابات وخصخصة الأندية مقابل أن ترصد الدولة ميزانية سنوية كجوائز مجزية للمسابقات المختلفة، بحيث تشجع أصحاب رؤوس الأموال على الاستثمار في الرياضة، هذا إضافة إلى رصد مكافآت كبيرة للأندية التي تصنع أبطالاً أولمبيين خصوصاً في الألعاب الفردية. 

Ad

 

أزمة تطبيق قوانين الإصلاح الرياضي باتت أزمة مستعصية لأسباب عديدة، أبرزها استغلال تكتل أندية الخراب لنفوذها الخارجي والضعف الحكومي في تطبيق القانون نظراً لانقسامها ووجود أطراف محسوبة على طرفي المشكلة داخلها. لكن في كثير من أمور الحياة، قد نركز جميع أنظارنا على اتجاه واحد لحل مشكلة ما ونصر على أن نسلك ذلك الاتجاه بالرغم من عدم فاعليته بينما يكون الحل في اتجاه آخر تماماً. 

 

في (8/11/2007) قلنا في هذه الزاوية- عند بداية مشكلة اتحاد الكرة مع الفيفا- «إن قوانين الإصلاح الرياضي التي أقرها مجلس الأمة ليست الحل السحري لمشاكل الرياضة- وإن كانت ستخفف منها- وذلك لسببين أولهما، أن أندية تكتل الخراب ستظل مسيطرة على القرار الرياضي لأنها ستظل تشكل الأغلبية، وثانيهما، أن أساس مشاكل الرياضة هو في الجمعية العمومية القائمة على التسجيل العشوائي والتي تقود في النهاية إلى معارك قبلية طائفية يكون الفائز فيها المتمصلحين الذين لا علاقة لهم بالرياضة من قريب أو بعيد». 

 

وذكرنا في ذلك المقال أن الحل الجذري يكمن في نسف نظام الانتخابات وخصخصة الأندية مقابل أن ترصد الدولة ميزانية سنوية كجوائز مجزية للمسابقات المختلفة بحيث تشجع أصحاب رؤوس الأموال على الاستثمار في الرياضة، هذا إضافة إلى رصد مكافآت كبيرة للأندية التي تصنع أبطالاً أولمبيين خصوصاً في الألعاب الفردية. 

 

وكررنا هذا الطرح في (11/9/2008) و(25/9/2009)، لكن ظلت جميع الجهود في اتجاه واحد، وهو تطبيق قوانين الإصلاح دون التفكير في إيجاد حل جذري للرياضة. أدرك أن ظروف حل مجلس الأمة مرتين خلال السنوات الثلاث الماضية 

 

وما صاحبها من تأزيم غير مبرر كان سيعطل أي جهد في هذا الاتجاه، لكن لم يعد هناك مبرر لإهمال هذا الحل الجذري الآن، خصوصاً أن الأزمة الحالية قد تطول أكثر وبذلك يضيع المزيد من الوقت دون فائدة. 

 

لست هنا مطالباً بإهمال قوانين الإصلاح، فقد طالبنا مراراً بتطبيقها لأنها متعلقة باحترام هيبة الدولة وقوانينها، لكنني أطالب بتغيير قواعد اللعبة برمتها لأن نظام الجمعيات العمومية بشكلها الحالي فاسد ولا حل له. وما يجري من تسجيل عشوائي وبشكل ضخم في بعض الأندية الفاشلة والتي لا شعبية لها إلا دليل على تحولها إلى مرتع للتنفيع والبروز الإعلامي والسفر بحيث أصبحت مجرد مصنع لبيع اللاعبين المميزين إلى الأندية الكبيرة. 

 

كما أن نظام الاحتراف الجزئي لم يعد نافعاً لتطوير الرياضة في محيط يطبق الاحتراف الكامل، بل إنه تحول فرصة للفساد والتنفيع عن طريق تسجيل اللاعبين بشكل وهمي بحيث يتم تقاسم مبلغ الدعم بين الإداري واللاعب الوهمي. الوضع الحالي سيتغير عاجلا أم آجلا وهناك مؤشرات تدل على أنه سيفرض كأمر واقع، وما ظاهرة تزايد سفر اللاعبين إلى الخارج للحصول على عقود احترافية إلا دليل على ذلك، ولا يلام اللاعبون على اتخاذ مثل هذا الإجراء في ظل المستويات الهابطة التي تعانيها الأندية- خصوصاً الصغيرة- وقلة المردود المادي، هذا إضافة إلى أن اللاعب الهاوي غير مرتبط بعقد رسمي مع ناديه، وبذلك يكون العقد الاحترافي الخارجي ملزما حسب قانون الفيفا سواء رضي ناديه المحلي أو لم يرض. لذلك نرجو من أعضاء مجلس الأمة الاستعجال في دراسة وتقديم قانون خصخصة الأندية حتى نتخلص من مشاكل هيمنة الدولة على الرياضة والتي أدت إلى زيادة الأجواء المشحونة وهدر المال العام دون مردود.