المصالحة الفلسطينية تتحرك في سياقات مأزومة
البعض يراها مناورة قبل 10 نوفمبر... وآخرون يعتبرونها انعكاساً للتوازنات الإقليمية الجديدة
تترقب الساحة الفلسطينية استحقاقاً جديداً في العاشر من شهر نوفمبر المقبل مع انتهاء المهلة التي منحها العرب للولايات المتحدة للتوصل إلى تسوية ما بشأن موضوع الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة للحيلولة دون انهيار مفاوضات السلام المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ويبدو أن هذا الموعد مجرد محطة أو منصة لضرب موعد جديد، إذ إن الأطراف الأربعة المعنية بهذه المفاوضات أي الفلسطينيين والإسرائيليين أنفسهم والولايات المتحدة باعتبارها راعية للمفاوضات والعرب باعتبارهم الحاضن للفلسطينيين مأزومون وغير قادرين على التحرك والمبادرة.السلطة الفلسطينية تعيش أزمة الانقسام وخياراتها وأوراقها التفاوضية محدودة جداً. رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يرزح تحت ضغوط دولية لوقف الاستيطان، وليس أمامه من خيارات إلّا "تغير جلده" عبر وقف الاستيطان وضم "كاديما" إلى حكومته.
إدارة الرئيس باراك أوباما تعيش أجواء انتخابات الكونغرس النصفية التي من المتوقع أن يُمنى فيها الديمقراطيون بهزيمة تقضي على ما تبقى من مشروع "التغيير". أما العرب، وبخاصة السعودية ومصر، يحاولون التعايش مع توازن الرعب الذي فرضته إيران في العراق ولبنان وفلسطين. وفي ظل هذه السياقات المأزومة والملبدة بالضغوط، تأتي التحركات المكثفة لتحقيق المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس، كأنها ضرب من المستحيل، فمَن سيرعى هذه المصالحة مصر أم سورية؟، ومَن سيضمن تطبيقها على الأرض...إسرائيل؟ ومَن سيسندها عند أول منعطف أو اهتزاز تتعرض له... الجامعة العربية؟بالرغم من ذلك، يتحدث المراقبون عن مسارين مفتوحين قد تبحر فيهما سفينة المصالحة أو على الأقل قد تُفهم التحركات الأخيرة باتجاهها في إطارهما: * المسار الأول: أن يأتي الاتفاق بين فتح وحماس كردّ على تعنت إسرائيل ورفضها الانصياع لشروط التفاوض وكورقة ضغط على إدارة أوباما لتكثيف ضغوطها على نتنياهو. ومن هنا يمكن فهم التحركات الإسرائيلية - الأميركية الالتفافية والاستباقية تجاه "حماس" والتي تجري أخيراً "تحت الطاولة" وفوقها.* المسار الثاني: أن تأتي المصالحة كانعكاس لجوّ التغييرات الإقليمية والتوازنات الجديدة، التي فرضت حكومة وحدة وطنية و"هدنة موقوتة" في لبنان، والتي قد تفرض حكومة وحدة مماثلة أو على الأقل "محاصصة ملبننة" في العراق.ولكن عدم وقوف هذه التوازنات على أرضية ثابتة، يقلل من إمكانية أن تشكل مظلة للمصالحة الفلسطينية بخاصة إذا ذكرنا أن مصر لا تزال خارج ديناميات هذه التغييرات وما أفرزته.وتبقى أسئلة وتساؤلات عدة تعقد موضوع المصالحة وتجعله مجرد سراب وأقرب إلى المناورة منه إلى المعادلة المحققة، أسئلة مثل هل ستقبل "حماس" بالتنسيق الأمني مع الجيش الإسرائيلي بعد انضمامها إلى قوى الأمن الفلسطينية؟ وهل ستسمح إسرائيل لقيادة حماس - غزة بالسفر إلى الضفة أو لمسؤولي فتح والسلطة بالسفر إلى غزة؟ وماذا عن كتائب القسام؟ وماذا عن وعن وعن...؟