لا أعلم لماذا يلهمني الدعاة دائماً بكتابة مقال حين أكون غارقاً في تأمل السلوك الديني الذي لا ينفك الصائمون يتعمدونه وهم يتجاوزون الحدود الأخلاقية قبل القانونية، ويبدأ سيل التعديات على القانون بسبب تعب الصائمين وعطشهم، ومع ذلك نجد الأسطوانة القديمة للكويتيين التي تتوارث جيلاً بعد جيل، وهي جملة "والله رمضان هالسنة خفيف وما حسينا فيه"، لا، رمضان أصبح خفيفاً ببركات الأخ "جيم كارير" مخترع التكييف، وهو مَن جعل الحياة في الكويت ممكنة وسهلة، أتمنى من المصلين والصائمين إرسال الدعوات إليه لا إلى صناع الموت والخراب.
تلك السلوكيات لم تكن أبداً خاضعة لتتبع المؤمنين والدعاة ورصد أسبابها، أو أنهم يتعامون عنها بسبب تعودنا على تجاوز القانون وبالسلوك الأخلاقي للصائمين كل عام أثناء تأدية أعمالهم في الدوائر الحكومية، ولم يتحفنا الدعاة والكهنة الدينيون بأسباب سوء خلق المسلم في هذا الشهر الفضيل، ولماذا لا يحترم المصلون الناس ومشاعرهم حين يمرون في الشوارع بسياراتهم فيجدون الشوارع شبه مغلقة بسبب سيارات المصلين القابعة في غير أماكنها المخصصة؟ لأن المصلين لا يريدون الابتعاد عن المسجد كثيراً في هذا الحر المميت، متناسين أن هناك ثواباً أعظم في احترام البشر واحترام القانون.تلك الأمثلة تجدها عند كل مسجد وعند كل حسينية، دون أن يرف لهم جفن أو شعور تجاه الآخرين. لماذا لا تقوِّم العبادات سلوك المصلين والعابدين؟ وأرجو ألا يرددوا جملتهم المكررة والسمجة بأنها أفعال القلة القليلة، ليسوا قلة بل كلهم بلا استثناء، وللتأكد اذهبوا- وهي دعوة إلى كل مَن يعتقد أنني أبالغ في كلامي- في جولة سياحية حول المساجد لتجدوا البرهان الدامغ على ما أقول، والجدير بالذكر أن الشرطة لا تتجرأ على مخالفتهم خوفاً من غضب الله لأنهم يؤدون الصلاة، هذا إن وجدت الشرطة أصلاً في مثل هذا الوقت... وتجد ذلك أيضاً في الحسينيات والاكتظاظ الخانق للشوارع والمؤذي للجيران.السلوك البشري لا يمكن إخضاعه إلا عن طريق ثقافة وحاجة حقيقية تعلَّم للأبناء ويمارسها الآباء عملياً مع أبنائهم، فينشأ النشء وهو يمارس هذه الثقافة لا أن ينافقها، ليتعلم شيئاً ويمارس الأهل والمجتمع سلوكاً مغايراً، فينشأ الطفل مضطرباً بين النظرية الجميلة والتطبيق القبيح... وهذا ما يمكن سريانه أيضاً على سلوك الصائمين والمصلين.• ملاحظتان:• أشار الشيخ نبيل العوضي في مقالته السابقة بتاريخ 5/9 فقال "احرص على تفطير الصائمين في هذه الليالي، فإن لك مثل أجورهم فما بالك لو صادفت ليلة القدر؟!"وبقية أشهر السنة ليذهب الفقراء إلى الجحيم... فقط من أجل الثواب والبركة لا من أجل البطن الجائع والحرمان والضياع. إذن هو احتفال أو استعراض سنوي كعيد الأم وعيد "الفالانتاين" الذي يحاربونه كل عام.• أشرت في مقالي السابق "تشارلز دارون وارث الريح" أن المدعي العام مات بسبب أزمة قلبية داخل المحكمة، فصحح الصديق والمدقق دائماً سامي العوضي بأن المدعي مات بعد أربعة أيام من المحاكمة، فأحببت التوضيح.
مقالات
ثقافة للاستهلاك المحلي
08-09-2010