بينما بلغ مأزق المحكمة الدولية ذروته، في ضوء ضغط حزب الله السافر على رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري لحمله على التخلي عن دم والده، تعرض الأردن، الدولة التي تتبع سياسة هادئة وتتخذ موقفاً متوازناً ووسطياً إزاء التمحورات والاستقطابات العربية، لتحرش سياسي فج واستفزازي، تمثل في الادعاء بأن عملية تشويش على "الجزيرة الرياضية" جرت من أراضيه مع بداية انطلاق "المونديال" الدولي في يونيو الماضي، واتهامه من قبل ثلاثة من اللبنانيين المحسوبين على اتجاه إقليمي معروف بأنه متورط في تدريب مجموعات عائدة لـ"القوات اللبنانية" بقيادة سمير جعجع.
ولعل ما يؤكد أن هذه الاتهامات عبارة عن تحرشات سياسية تشكل مقدمة لافتعال تصعيد مقصود ضد الأردن وأيضاً ضد مصر، أن تهمة التشويش على "الجزيرة الرياضية" قد استهدفت هذين البلدين تباعاً، وكذلك أيضاً تهمة تدريب مجموعات من تيار "القوات اللبنانية"، الذي يقوده سمير جعجع، والذي هو الأكثر تصدياً لحزب الله، على خلفية المعركة التي افتعلها هذا الحزب، وأقحم لبنان في أجواء حرب أهلية جديدة لإسقاط المحكمة الدولية.الثلاثة الذين وجهوا إلى الأردن تهمة التدخل في الأزمة، التي غدت ملتهبة واقتربت من لحظة الانفجار، نتيجة تصعيد حزب الله وتهديده بإغراق لبنان في الدماء إن لم يسقط الحريري المحكمة الدولية ويقطع الطريق على قرارها الظني المرتقب، هم مدير الأمن العام السابق جميل السيد، ورفعت علي عيد زعيم الأقلية العلوية في طرابلس، وناصر قنديل، وكلهم من المحسوبين على التيار الذي تقوده إيران في المنطقة، والمدعوم من قبل دولة عربية قريبة. غير معروف لماذا هذا التحرش المتلاحق؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات توجه إلى الأردن هذه التهم المفتعلة التي بالعقل والمنطق وفي ضوء أن المملكة الأردنية الهاشمية ليست من دول "التقية" السياسية لا يمكن تصديقها؟ وأغلب الظن أن القصد هو إشغال هذا البلد وإشغال مصر أيضاً بمعارك جانبية لمنعهما من مساندة الأشقاء الفلسطينيين وهم ينخرطون في أضخم وأخطر معركة دبلوماسية على مدى تاريخ القضية الفلسطينية كله.إن هؤلاء الثلاثة معروف عنهم، سابقاً ولاحقاً، أنهم ليسوا أبواقاً لأحد أعمدة تيار "فسطاط الممانعة" الذي تقوده إيران فقط، بل هم عناصر استخبارية تُؤمر فتطيع، ولهذا فإنه يجب أخذ هذا التحرش على محمل الجد، ويجب أن يفهم الأشقاء العرب الذين لا يخيطون بالمسلة الإيرانية أن الأردن بات في دائرة الاستهداف، وهو استهداف من الواضح أنه لن يتوقف عند حدود كل هذا التدخل السافر في الشؤون اللبنانية الداخلية وفي الشأن العراقي وفي شؤون معظم دول الخليج (العربية) وفي الشأن الفلسطيني، والمثل يقول: "أُكلْت يوم أكل الثور الأبيض"!
أخر كلام
لماذا التحرش بالأردن؟!
04-10-2010