إعلان نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير الدولة لشؤون التنمية وزير الدولة لشؤون الإسكان الشيخ أحمد الفهد السماح للمواطنين بالاستبدال أو التنازل في ما بينهم للقسائم الإسكانية الموزعة على المخططات الأربعاء الماضي -ودون الدخول في النوايا- هو قرار في ظاهره التيسير على المواطنين وراحتهم، ولكن في باطنه مخاطر جمة قد لا يدركها متخذ القرار، إذ إنه ينال من النسيج الوطني ويخلق مزيداً من «كانتونات» فئوية وطائفية وقبلية في البلاد.

في الكويت مررنا بهذه التجربة من قبل، فأسفرت عما نعانيه اليوم من مناطق مفروزة طائفياً وقبلياً وأحياناً فئوياً، وما نتج عنها من نعرات مناطقية واصطفافات سياسية انتخابية مبنية على المصالح الذاتية، ولم نستطع حتى الآن أن نصلح ما فسد بسبب ذلك، فهل تقبل حكومتنا والشيخ أحمد الفهد أن نورث لأجيالنا التالية كويت ممزقة وموزعة على مناطق مفروزة سكانياً، وهي النتيجة المجربة سابقاً لفتح باب التنازل والتبادل على مصراعيه للمواطنين، الذين سيسعون بغريزة الإنسان الطبيعية إلى التجمع مع جماعتهم وأقرانهم فتُخلق جزر من ضواح وحتى محافظات من تركيبة سكانية ذات صبغة محددة، وهو الأمر الذي يجب أن تعالجه السلطة المكلفة بالبحث عن المصلحة العامة للمجتمع ورعايته، خاصة أن الدولة في الكويت هي المانح الأكبر للوحدات والأراضي السكنية للأسر بسبب ندرة الأراضي وغلاء أسعارها؟!

Ad

أذكر أنه في مجلس الأمة عام 1992 وعند مناقشة قانون الرعاية السكنية رقم 47 لسنة 1993 كان من ضمن بنوده السماح بتكوين الجمعيات الإسكانية التي يشكلها خمسون مواطناً فأكثر، ودار في حينه نقاش وطني راقٍ في قاعة عبدالله السالم على تلك المادة، وكان أحد رموز هذا النقاش النائب السابق حمد الجوعان وكانت محصلته إلغاء هذه المادة من القانون قبل إقراره، بسبب المخاوف من فرز المواطنين مناطقياً، وحالياً ونحن في أشد الحاجة إلى صهر كل مكونات مجتمعنا: هل يجوز أن نعود لنكرر نفس التجربة، ونتسبب بتقطيع أوصال المجتمع وخصوصاً مع ما يحدث من حولنا من اقتتال وتوترات في دول فرزت مجتمعاتها مناطقياً، أم يجب علينا أن نجعل مناطقنا نموذجاً لوحدتنا وانسجامنا الاجتماعي، فيكون الحضري والبدوي والسني والشيعي جيراناً وأحباباً في مدن وضواح سكنية و»فريج» وسكة واحدة؟

لذلك فإنه من الواجب الوطني والمسؤولية السياسية، أن يطلب مجلس الوزراء فوراً من وزارة الإسكان إشعاره بنص وتفاصيل وضوابط قرارها السماح بالاستبدال والتنازل بين المواطنين عن القسائم السكنية، وتجميد القرار حتى دراسة نتائجه أو حتى إلغائه، وإن لم تبادر الحكومة إلى ذلك، فإن مسؤولية متابعة نتائج هذا القرار الخطير واجبة على كل نائب أقسم على صون مصالح الدولة بأن يوقفه عن طريق جميع الأدوات الدستورية المتاحة له حتى الوصول الى المساءلة السياسية، لأن هذا البلد الصغير هو أغلى ما نملك ولا يمكننا أن نتساهل مع هفوات صغيرة تسهم في جريمة كبيرة بحق الكويت، وتؤدي الى زعزعة أمنها واستقرارها وتعريض شعبنا للتشرذم وما ينتج عنه من مخاطر مؤكدة.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة