الحكومة كسبت التعاون ولو بهامش ضئيل، ولكنها خسرت نواباً من الوزن الثقيل سياسياً وامتدادا شعبيا واسعا ولأسباب مبدئية وحقيقية متمثلة بصون الدستور والدفاع عن الحرية والكرامة والحفاظ على الوحدة الوطنية، وهذه أسباب لا تقدر بثمن، بل إنها موجبة لدعم سمو رئيس الوزراء واستقرار حكومته سياسياً وشعبياً.
هل هناك غالب ومغلوب في نتيجة الاستجواب المقدم لسمو رئيس مجلس الوزراء، وما عكسته أرقام طلب عدم التعاون مع الحكومة؟ وهل من المصلحة نقل احتفالات الفوز وادعاء الانتصار من قبل أي من الطرفين إلى الشارع من جديد؟ وهل من الحكمة استمرار معركة الإطاحة بالحكومة من قبل المعارضة؟ وهل من الرشد السياسي أن تستمر الحكومة في ملاحقة خصومها السياسيين وتجنيد وسائل إعلامها الرسمية والخاصة لضربهم ومحاولة إسقاطهم؟هذه مجموعة من التساؤلات المشروعة التي من شأنها تحديد مسار المشهد السياسي في القادم من الأيام بعدما انجلى غبار الاستجواب تاركاً الكثير من الأوراق المختلطة والنفوس المحتقنة، كما أنه مازالت هناك نار تحت الرماد، وهذه التركة الثقيلة بأمس الحاجة إلى معالجة تتحلى بروح المسؤولية والتسامي فوق الجراح.وتبدأ أولى خطوات المرحلة القادمة بقراءة الحكومة وسمو الرئيس تحديداً لمضمون رسالة الاستجواب وعنوانها الرئيس المتمثل بنصف أعضاء مجلس الأمة، حيث ارتفع رقم المعارضة البرلمانية من 13 إلى 22 صوتاً في أقل من سنة، وهنا لا نقصد من يتم وصفهم بالتأزيميين أو من يتم نعتهم بالخصوم الشخصيين للرئيس، إنما من ساندوه وبكل قوة خلال السنتين الماضيتين سواء على الصعيد التشريعي أو الرقابي.وموقف سمو الرئيس وتصريحه بعد جلسة التصويت وإعلانه بالتعاون الإيجابي مع معارضيه ينم عن حصافة من شأنها فتح صفحة جديدة لنهج الحكومة ولفلسفة التعاون بين السلطتين، نتمنى ألا يختطف مرة أخرى من قبل بعض المتزلفين والمتمصلحين الذين يحاولون تصوير أنفسهم بالمدافعين عن الحكومة ولا يعلم سوى الله وسمو الرئيس كلفتهم وفي نفس الوقت عبئهم الثقيل.فالحكومة كسبت التعاون ولو بهامش ضئيل، ولكنها خسرت نواباً من الوزن الثقيل سياسياً وامتدادا شعبيا واسعا ولأسباب مبدئية وحقيقية متمثلة بصون الدستور والدفاع عن الحرية والكرامة والحفاظ على الوحدة الوطنية، وهذه أسباب لا تقدر بثمن، بل إنها موجبة لدعم سمو رئيس الوزراء واستقرار حكومته سياسياً وشعبياً.وللمعارضة أن تستفيد من درس الاستجواب واستثماره أيضاً في مساره الصحيح، لأنها خسرت جولة لكنها كسبت سياسياً وشعبياً وجمعت الفرقاء في الفكر والموقف حول ثوابت دستورية، ولا يمكن لهذا الحشد أن يستمر بعيداً عن هذا المبدأ، وفي المقابل يمكن لهذه الجبهة أن تضعف أو تتراجع بسبب تصرفات وانزلاقات فردية مثل بعض التصريحات الاستفزازية وتهييج الشارع أكثر مما هو مطلوب، وأسلوب الخطاب بلا سقف محدد لأدب الحوار واحترام مشاعر الآخرين ورعايتها وإن كانوا في المعسكر المضاد.أما الحضن الراعي لمثل هذا المسار، والذي لا يمكننا السيطرة عليه ولكن من حقنا عليه النصيحة، فهو الإعلام المهيج الذي لم يراع مصلحة الكويت وقلوب أبنائها وبات يصفي حسابه مع خصومه على جراح البلد وآلام شعبه! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
غالب ومغلوب!
07-01-2011