الوهابيون الجدد

نشر في 02-12-2010
آخر تحديث 02-12-2010 | 00:01
 أحمد عيسى هل يمكن لجملة أن تهدد العلاقات الثنائية وتهدم جسور الثقة في عصر التكنولوجيا؟

واقع السؤال فرض نفسه خلال الأسبوع، فبين حادثتين متباينتين بدا أن العالم تغير جداً، وبجملتين فقط عادت الكويت إلى المشهد الإقليمي، الأولى بثها مذيع قناة الوطن» عبدالوهاب العيسى تعليقاً على تعادل منتخبي الكويت والسعودية في بطولة كأس الخليج على صفحته الشخصية بموقع «تويتر»، والثانية نقلتها سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى البلاد عن مسؤولين كويتيين وسربها موقع «ويكيليكس» الأحد.

لدينا عصر جديد مواطنوه «وهابيون» نسبة إلى الصديق عبدالوهاب العيسى، تحول فيه الخاص إلى عام، وذاب الفارق بين السري والمعلن، وغابت فيه الخصوصية وتهدمت حواجزه الرسمية، فلم تعد الآن «دوائر القرار» مغلقة كما كانت تؤكدها الجملة الدالة على وجود مصادر خاصة للخبر، وفقد المقربون من القرار أهميتهم كونهم أول من يسرب الأخبار ومنهم يقاس رد الفعل، فلدينا اليوم عالم جديد تحكمه شبكة الإنترنت، وتحدد معالمه مجموعة مواقع إلكترونية، ففي هذا هو الواقع الافتراضي الحديث ما يقال بين الأصدقاء سرعان ما ينتشر بين العموم، وما يذكر في اجتماع سري سرعان ما يتسرب إلى العامة.

مذيع «الوطن» الصديق عبدالوهاب العيسى، تعرض لحملة تعدته شخصياً، فرغم اعتذاره الفروسي على قناة «أبو ظبي»، فإن ما نشره على موقع تويتر» ضرب بالكويت دون قصد منه، وحُمل على إثره انتقادات طالت مؤسسة «الوطن» التي أضحت فوق القانون وأكبر من الدولة، كونها تقرر دون رادع متى تثير الغبار لتعكر صفو الأجواء الدبلوماسية مع قطر والمغرب ومصر والعراق، وأحيانا لا يخلو الأمر من إثارة اختناقات طائفية وفئوية داخلية بين الشيعة والسنّة، والحضر والبدو، بهدف كسر حدة الصمت الفئوي، رأيناها جلية عند التعرض لجماعة سيد عدنان عبدالصمد وتشكيكها بوطنيتهم وولائهم للكويت في حادثة تأبين مغنية قبل قرابة 3 أعوام، وأخيراً إصرارها قبل أسبوعين على بث فيلم منعته رقابة وزارة الإعلام الكويتية، وإمعانها بالتحدي لتبثه كاملاً مع وضع إشارات تدل على أن هذا المشهد مطلوب حذفه بأمر الرقابة، ولا ننسى تعاطيها مع معركة تحرير الكويت عبر مقابلات مطولة مع العسكري والنائب السابق ناصر الدويلة، وما تخللها من إسقاطات ومشاهد تمثيلية كوميدية طالت بالهزل حينا واحدة من أهم المراحل في التاريخ المعاصر.

ومن «تويتر» إلى «ويكيليكس» وخطورة ما احتوته تقارير السفيرة الأميركية السرية (كما ترجمتها صحيفة «الراي» أمس)، فقد كشفت ما يدور داخل مكاتب قياديينا ومسؤولينا في الكويت، و»الموقف الحقيقي» تجاه إيران وملفها النووي، ما يؤكد اختلاف وجهات نظر العسكريين والدبلوماسيين والرسميين من جهة، فيما نرى على الجهة الأخرى من ذات الملف رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي مستغرباً من دمشق «عدم الاقتناع الدولي بسلمية برنامج طهران النووي الذي لا نتخوف منه»، وكذلك ما تطرقت إليه على الصعيد الداخلي من غياب الوفاق بين رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ورفع جهاز أمن الدولة تقاريره إلى رئيس الحكومة مباشرة بدلاً من وزير الداخلية.

وعكس ما جرى مع تقرير الخارجية الأميركية حول الحريات الدينية وتناوله لوضع الشيعة بالكويت ورفض الرسميين له، بدا لافتاً يومي أمس والأول من أمس الصمت الكويتي تجاه ما بثه موقع «ويكيليكس»، فقد غطى طنين تداعيات فقدان نصاب جلسة البرلمان أمس صخب الوثائق المسربة، وارتفع صراخ فساد البلدية على الصوت الهادئ الداعي لتحديد موقف متزن ومعلن من إيران وملفها النووي، لأننا بكل بساطة وسط هذا العالم الجديد لا نجيد تحديد الأولويات وفقدنا قدرتنا على تقييم الأمور بشكل عقلاني وموضوعي وانكفأنا على الخاص وانشغلنا بالمهم على حساب الأكثر أهمية.

back to top