لكل دولة منهج في تخطيط مسار علاقاتها بالعالم الخارجي، ولو وقفنا أمام المتغيرات السياسية والاقتصادية التي فرضت نفسها على العلاقات الدولية أخيرا لوجدنا أن انعكاس العولمة على المسار الدبلوماسي مؤدٍّ إلى بروز مفاهيم جديدة في عالم التفاوض والحوار... واليوم نتساءل عن السبل المتاحة لتحديث المسار الدبلوماسي ضمن استراتيجية إدارية وإعلامية متطورة لاحتواء المتغيرات الطارئة على الساحة الإقليمية، أقول ذلك بعد حضوري منتدى حوار المنامة الذي لم يشعرنا أننا في العالم العربي، والذي اعتاد الإثارة والمبارزة الكلامية، إنما أتاح للقادة والدبلوماسيين فرصة الحوار بعيدا عن الجمود والرسميات.
منتدى "الحوار" الذي بلغ سنته السابعة قبل عدة أيام انطلق بتوجه استراتيجي وفكري جديد حول معادلة استراتيجية تعاونية تعزز اتفاقاتٍ، وتفتح آفاقاً لحوارٍ بين العديد من متخذي القرار في عالم السياسة... وانطلق الحوار الأول عبر قناة "العربية"، التي استضافت سمو الأمير تركي الفيصل رئيس مركز فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ووزير الخارجية البحريني الشيخ خالد الخليفة صاحب الدعوة الكريمة، والمبادرة الحوارية، ووزير الخارجية اليمني أبوبكر القربي، ووزير الدولة لشؤون الدفاع البريطاني وليام فوكس.وكان أبرز ما جاء في اللقاء مقولة الأمير تركي المشهورة "أمن أهل الخليج بيد أهل الخليج"، مشيراً إلى ضرورة احتواء دول المنطقة لما يجري بها من أحداث، ويعرف القاعدة أنها مجموعة من الأشخاص في كل دول العالم يملكون طموحا سياسيا في ظروف الفقر. واتفق الوزراء الأربعة على أن أمن الخليج هو العنصر الذي يجمع دول المنطقة وفق استراتيجية واضحة، وأوضح الشيخ خالد أن الاهتمام بتعزيز أمن الخليج يعود بالمنفعة لجميع الدول المطلة على الخليج بما فيها إيران.وفي اليوم الثاني تحدث نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ محمد الصباح عن شتى المتغيرات التي طرأت على الساحة الدولية البيئية منها والصحية والاجتماعية والديمغرافية، مستعينا بمفكرين من نماذج الاقتصاد الكلاسيكي، بعد ذلك تحدث الشيخ محمد بن زايد عن منطقة الخليج، وركز على الاهتمام الإماراتي بمساعدة اليمن لقهر التحديات التي يواجهها.وابتدأت ورش العمل في اليوم الثالث للمتخصصين في عالم البناء الاستراتيجي للملفات المتعددة، بهدف الوصول للتفاهم والسلام الدوليين والمناخ الملائم للتنمية.توصلنا في النهاية إلى نتيجة وهي أن قضايا التعاون الإقليمي اليوم في أمس الحاجة للاهتمام الدبلوماسي، وباستخدام دبلوماسية الحوار نستطيع التوصل إلى علاجٍ لمختلف القضايا، وبتلك الملفات يستمر حوار المنامة تحت مظلة الدبلوماسية البحرينية لإلقاء نظرة استراتيجية على العالم، ويبقى السعي إلى التحول من الحوار الرسمي التقليدي في طرح القضايا إلى آلية الحوار الاستراتيجي، سعياً مناسباً للمراحل التنفيذية المرجوة, والمطلوب اليوم تحفيز مشاركة المنظمات غير الحكومية في الحوار الدبلوماسي وجمع قادة الدول ومتخذي القرار بجلسات موازية للباحثين وأعضاء المنظمات غير الحكومية، والانتقال من أسلوب المواجهة إلى أسلوب الحوار والتنفيذ واستخدام قوى الثقافة لتوجيه المهارات الدبلوماسية.وأخيراً فالتحول من سياسة الإملاء إلى سياسة الإقناع وحرص الدول على تشجيع المراكز الحوارية والثقافية يعززان الجاذبية الثقافية والفكرية معا، وذلك يعتبر من أساسيات الدبلوماسية العامة.كلمة أخيرة: أصبح "ويكيليكس" حديث الساعة، وأصبح مصدرا إخباريا للمواقع الإلكترونية وماذا بعد التسريب؟ أعتقد أن مواطني العالم العربي بحاجة لسماع الحقائق من المسؤولين مباشرة وليس من معلومات مسربة.
مقالات
دبلوماسية «حوار المنامة»
07-12-2010