أصيلة والفعل الممكن


نشر في 24-04-2011
آخر تحديث 24-04-2011 | 00:00
 آدم يوسف «الكويت ضيف شرف مهرجان أصيلة الثقافي 33»... الخبر الذي رشح إلى العلن قبل أربعة أشهر من الآن، إبان زيارة الوزير المغربي محمد بن عيسى «أمين عام منتدى أصيلة الثقافي» إلى الكويت، ولكننا لم نسمع حتى الآن عن استعدادات أو تجهيزات بهذا الشأن، بل إن المؤسسات الثقافية المعنية بالمشاركة لم تقدم أي تصريح إلى وسائل الإعلام بشأن استعداداتها، أو حجم المشاركة في الفعاليات. قد يكون ثمة جهد في الخفاء يبذل، إلا أن ما تبقى من الوقت قصير، إذ ينطلق المهرجان أوائل يوليو المقبل.

كان لدولة الإمارات تجربة ناجحة حين حلت ضيفة على المهرجان في دورته السابقة، وكانت استعدادات المؤسسات الإماراتية مع المهرجان انطلقت قبل عدة أشهر من الانطلاق الفعلي للمهرجان، تخللتها زيارات لمسؤولين إماراتيين إلى أصيلة للاطلاع على المكان، وتجهيزات المسارح، وصالات العروض، ونحوه. وحين انطلق المهرجان كانت الفرق الإماراتية قد أخذت كفايتها من التدريب والاستعداد، والتأقلم مع أرجاء المكان، علماً بأن لأصيلة طبيعة جغرافية وسكانية تختلف عن تلك التي نألفها في المشرق العربي، فالمدينة نصف أوروبية، تسحرك بأجوائها الخلابة، وزوارها من الأشخاص الذين تغلب عليهم السحنة الأوروبية، بالإضافة إلى المغاربة والزوار العرب، الذين هم الأقل عددا في ما يبدو للعيان منذ الوهلة الأولى.

بالعودة إلى الاستعدادات الكويتية لهذه الفعالية نجد أن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ربما يتحمل العبء الأكبر من هذه المشاركة، ولكن التجربة تستحق العناء على أية حال، لأن المهرجان بذاته مختلف ومميز. تتطلب المشاركة جهدا من الفنانين التشكيليين الكويتيين، أيا كانت المظلة التي تحويهم، جمعية التشكيليين أو المجلس الوطني، إذ تتطلب المشاركة في هذا الجانب رسم لوحات جدارية ذات مساحات كبيرة، وفي الهواء الطلق أمام الجمهور الأمر الذي يتطلب إمكانات فنية عالية مع هذه النوعية في التعامل مع الريشة وأبعاد اللوحة، تقام هذه الجداريات عادة في مدينة أصيلة القديمة بطلائها الأبيض المميز، وبمشاركة فنانين من المغرب، الدولة المضيفة، وربما يكون هناك فنانون من دول أخرى.

الفنون الشعبية أيضا سيكون لها نصيب من المشاركة، سواء عبر الفرق الفلكلورية الشعبية، وهي كثيرة في الكويت، أو عبر فرق الغناء الكلاسيكي القديم، كذاك الذي تقدمه فرقة التلفزيون، وكذلك سيكون للحرف اليدوية التقليدية نصيب من المشاركة، عبر المعارض والأعمال اليدوية المباشرة، بالإضافة إلى المعارض التراثية ومعارض التصوير التي تعكس مراحل التطور والعمران في الكويت منذ ما قبل النفط، وحتى نهضتها المعاصرة. سيكون المهرجان فرصة ثمينة لعرض الجانب المشرق للكويت أمام جمهور أوروبي ومغاربي عربي.

تحوي مدينة أصيلة القديمة ساحات مفتوحة أمام الجمهور لعرض الغناء التراثي الشعبي، يستمر هذا العرض ساعات متتابعة في كل يوم من أيام المهرجان مما يتطلب جهدا بدنيا ولياقة صوتية عالية من أعضاء الفرق المشاركة، علما بأن الحضور الجماهيري عال جدا في مثل هذه الفعاليات.

من الناحية الفكرية اختارت مدينة أصيلة أن تناقش في هذه السنة موضوع «الهجرة، وهجرة الإنسان من المحلية إلى الكونية» مسلطة الضوء على هجرة العقول العربية تحديداً. الموضوع ذو أهمية عالمية، ومرتبط بالحالة المغربية تحديدا، لما تشهده بلدان المغرب العربي من هجران متتابعة، بعضها لعقول علمية كبيرة، وبعضها لشباب عربي يحرق يفاعة عمره متجولا وباحثا عن العمل بين المصانع ومطاعم الوجبات السريعة. لا تخلو فعاليات المهرجان بحسب ما أتوقع، وإن لم تعلن حتى الآن من ندوات فكرية علمية لمواضيع عصرية وحيوية بمشاركة علماء من كل أنحاء العالم، بلغاته وثقافاته المختلفة، وتحرص أصيلة في هذا الجانب أن تبقى مرتبطة بمحيطها العربي، وإن تكن تمتزج بثقافة «أورومتوسطية» غنية ومحببة.

back to top