الساحر احمد الفهد


نشر في 03-11-2010
آخر تحديث 03-11-2010 | 00:01
 أحمد عيسى على مدى ساعة كاملة تحدث نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية الشيخ أحمد الفهد أمام حضور جلسته بملتقى الكويت المالي الثاني ظهر أول من أمس الاثنين.

وبعد مضي الساعة الأولى التي أسهب فيها الشيخ أحمد في حديثه عن خطة التنمية وتحدياتها ومعوقاتها، كان لافتا أنه لم يستعن بورقة أو شرح توضيحي، ولم يقطع حديثه سوى مرة واحدة ارتشف خلالها بعضاً من كأس الماء الموضوعة بجانبه، ليستأنف بعدها حديثه مستخدماً لغة الجسد حيناً ومدللاً ببعض النسب والإحصاءات في أخرى، وكأنه تدرب على هذا الخطاب مراراً قبل أن يلقيه على مسامعنا.

وحرص نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية الشيخ أحمد الفهد في كلمته على إيصال ثلاث رسائل: الأولى: لدينا حكومة واحدة يرأسها الشيخ ناصر المحمد، والثانية: لا يوجد خلاف بينه وبين وزير المالية أو محافظ البنك المركزي حول آلية تنفيذ الخطة التنموية، والثالثة: الخطة ليست مجرد مبان إسمنتية.

وفي تعقيبه على مداخلات المشاركين، حرص على إنزال «الميكروفون» بكلتا يديه ليرى محدثه بوضوح، وبدا أن لديه المزيد ليقوله، ثم بانت عليه فجأة معالم الإحباط بعد مداخلة رئيس اتحاد المصارف الكويتية ما جعله يسأله «شوية» اعتراف بإنجاز الحكومة، مشيراً إلى أن الكويت ظلت بلا خطة ربع قرن، وبقيت 35 سنة دون مستشفى جديد، ما أظهر أن بين الرجلين وقفة نفس وعتبا مبطنا سببه الاختلاف حول آلية تمويل المشاريع، ليتعهد لاحقاً بحله واستعداده للجلوس على طاولة مفاوضات، كما سخر الشيخ أحمد في موقع آخر ممن اعتبر خطة التنمية «كيكة» يوزعها كما يشاء بعيداً عن مؤسسات الدولة، ومن بينها مجلس الوزراء ومجلس الأمة ولجنة المناقصات وديوان المحاسبة.

كان ملموساً تأثير السنوات الثلاث التي قضاها الشيخ أحمد الفهد على دكة الاحتياط بعيداً عن الوزارة، ما أظهره بصورة الساعي للإنجاز والراغب في التكفير عن خطاياه السابقة، ومنها دوره خلال أزمة تعديل الدوائر 2006، والتي خرج بسببها من الحكومة، ومحاولته استيعاب الكل بتأكيده أن فريقه يسمع كل الآراء ويحترم وجهات نظر معارضيه وبواعث تشاؤمهم، كما استشهد أكثر من مرة بما أنجزه في أثناء توليه وزارة الطاقة، وقال إن هدفه تحقيق الخطة وإيجاد عائد للمستثمرين والحفاظ على المال العام، وكشف عن تحويل ميزانية الدولة من وزارة المالية إلى وزارة التخطيط التابعة له، لإثبات فلسفة حكومية جديدة وجدية لتطبيق خطة التنمية.

استطاع الشيخ أحمد الفهد سحر حضوره وأسرهم بخطته، ما حدا برئيس تحرير صحيفة «السياسة» أحمد الجارالله بالتعليق موجهاً حديثه للشيخ أحمد: «كنت بالسابق متهماً لكنك بعد هذا الكلام براءة»، ومثله من اعتبره أمل الكويت القادم، ليتجسد تأثير الساحر صبيحة أمس باحتلال جملته الختامية بالجلسة «موتوا قهر» صدر الصفحات الأولى لتسع صحف من أصل 13، بينما المواطن مقهور «خلقة» على حال بلده دون فضل منه أو منّة، لكن وقع الجملة حينما تكون من الساحر يصبح لها وقع مختلف، أضحك الحضور وجعلهم يقفون مصفقين له قبل أن يغادرهم متجهاً إلى مجلس الوزراء لإنجاز أمر وجوده فيه ضروري كما قال.

على الهامش:

قبل دخول الشيخ أحمد الفهد القاعة دبت في بهو الفندق حركة غريبة، وبدا الارتباك على المنظمين، فقد نزل الضيف من السيارة وصعد إلى المقهى الإنكليزي، وازدادت الأجواء توتراً في صفوف المنظمين ومرافقيه، ثم انتقلت منهم إلى داخل القاعة والحضور، فسألتني صديقة لم تكن معتادة على هذه الأجواء عن سبب الربكة الغريبة التي عمّت المكان فجأة، فأجبتها منتحلاً شخصية «بو دعي» في مسلسل الأقدار بإجابته عن سؤال شقيقه حول سبب انشقاق الأرض والعواصف التي ضربت القصر المسكون فجأة، فقلت لها هامساً: «الساحر ياي... الساحر ياي»، ثم دخل الساحر القاعة، واحتل كرسيه... ورفع «الميكروفون»... وتفرس بالوجوه ثم بدأ حديثه عن خطة التنمية.

back to top