كقاعدة عامة، من الممكن لمحترفي الإعلام، مع التركيز على فكرة الاحتراف هنا، أن يحولوا كل محتوى، وإن كان بسيطاً، ولن أقول رديئاً، إلى فكرة وبرنامج إعلامي جذاب، ويمكن في المقابل لغيرهم، من الطارئين على هذا المجال مثلاً، أن يسخطوا أي محتوى مهما كان قيماً، فيحيلوه إلى فكرة أو برنامج فاشل!

Ad

لا أدري لماذا افترض البعض أن استخدامي لبرنامج «حجر الزاوية» كمثال لبرنامج ديني متميز إعداداً وإخراجاً ومحتوى في مقالي «البرامج الدينية... وفرة في الإنتاج وقلة في الجودة»، هو تعريض بكل بقية البرامج أو تقليل من شأنها، رغم أنني كنت واضحاً في قولي بأنه على سبيل المثال لا الحصر!

ما كنت أتحدث عنه في المقام الأول في ذلك المقال، ولا مانع من التكرار، هو مدى البراعة والتميز على المستوى الإعلامي التلفزيوني للبرامج الدينية، وذلك لأني أعتبر أن كل محتويات هذه البرامج هي محتويات لا بأس بها في نهاية المطاف. ولكن، وكقاعدة عامة، من الممكن لمحترفي الإعلام، مع التركيز على فكرة الاحتراف هنا، أن يحولوا كل محتوى، وإن كان بسيطاً، ولن أقول رديئاً، إلى فكرة وبرنامج إعلامي جذاب، ويمكن في المقابل لغيرهم، من الطارئين على هذا المجال مثلاً، أن يسخطوا أي محتوى مهما كان قيماً، فيحيلوه إلى فكرة أو برنامج فاشل!

الفكرة الأخرى التي أود التطرق إليها، هي مثال على برنامج متميز آخر يعرض هذه الأيام، وهو برنامج «خواطر 6»، الذي يقدمه الإعلامي أحمد الشقيري.

بداية، أنا لا أصنف برنامج «خواطر» على أنه برنامج ديني، ومن غير المنطقي أن يتم تصنيف البرامج إلى ديني وغير ديني، لمجرد أن مقدم البرنامج، مثلاً، محسوب على المتدينين، أو لمجرد أن البرنامج يتحدث عن العالم الإسلامي، أو لمجرد أن مادة البرنامج تحتوي أحياناً، ذكراً لآيات قرآنية أو أحاديث!

برنامج «خواطر 6» للشقيري، هو في رأيي، برنامج تنموي شبابي الروح رصين المحتوى، جاء منافساً للبرامج العامة على هذا النسق، لا للبرامج الدينية فحسب.

وهذا البرنامج، الذي يعرض قبيل الإفطار بتوقيت مكة المكرمة على قناة MBC، يأتي على نسق الطلقات السريعة بروح شبابية خفيفة، متوائمة وسرعة تململ المشاهدين من فكرة البرامج الثقافية عموماً، معتمداً على خفة حضور وروعة طرح مقدم البرنامج الأخ أحمد الشقيري، الذي استطاع أن يقدم من خلال هذا البرنامج، وكل نسخه السابقة مع تطور تصاعدي واضح، وقبل ذلك من خلال برنامج «يللا شباب» الشهير، والذي كان يعرض على القناة ذاتها، نموذجاً للشاب العربي الألمعي الناجح.

هذا التميز، لأحمد الشقيري وبرامجه، ليس وليد الفراغ ولا شك، فكل فكرة جيدة، تبدأ في الأساس بذرة، ويمكن لها أن تكبر وتستوي على سوقها إن هي أحيطت بالرعاية والاهتمام. والشقيري، الذي تعرفت عليه شخصياً منذ سنوات عدة والتقيته أكثر من مرة على هامش مؤتمر الإبداع الفكري السنوي، كان واضحاً جداً في ذهنه ماذا يريد أن يقدم على الصعيد الإعلامي، وكان واضحاً لكل مَن تعامل معه أنه يمتلك الأدوات اللازمة لذلك، وأنه يعرف السبل الصحيحة للوصول إلى الموارد التي ستضمن له النجاح، ولهذا فلم يكن مفاجئاً لي على الإطلاق أن أرى هذا النجاح الباهر له من خلال برنامجه «خواطر».

تحية إلى الأخ أحمد الشقيري، وتحية إلى كل مَن تفاعلوا مع مقالي حول البرامج الدينية، وتحية أيضاً إلى كل متابعي هذه البرامج والراصدين لتجربتها.