خرق الكلام الذي نقلته بعض وسائل الإعلام اللبنانية القريبة من قوى "8 آذار" عن الرئيس السوري بشار الأسد "هدوء" الأعياد، لا سيما في تشبيهه القرار الاتهامي المرتقب صدوره عن المدعي العام لدى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان دانيال بلمار في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه بـ"اتفاق 17 ايار"، وفي دعوته رئيس الحكومة سعد الحريري الى موقف يلغي مفاعيل هذا القرار على غرار قرار إلغاء اتفاق 17 أيار بين لبنان وإسرائيل.
وفي حين اعتبر بعض المراقبين كلام الرئيس السوري الذي نقله عنه الأسير السابق لدى إسرائيل سمير القنطار الذي قدم له في دمشق كتابا عن تجربته في الاسر، "رسالة" الى الرئيس الحريري بما هو مطلوب منه للخروج من الأزمة التي تهدد لبنان، رأى آخرون أن الكلام المنسوب الى الرئيس السوري ليس سوى ابن المناسبة التي قيل فيها، وهي مناسبة لا علاقة لها بواقع الاتصالات السورية – السعودية التي ينتظر أن تستعيد الكثير من حيويتها مع مطلع السنة الجديدة.الفريق الأول رأى في تشبيه الأسد القرار الاتهامي باتفاق 17 ايار بين لبنان وإسرائيل بمنزلة سقف تتوقف العلاقات اللبنانية - السورية على طبيعة تعاطي الحريري معه... وبالتالي فإن موقف سورية منه غير قابل للمساومة تماما كما أن موقف دمشق من الصراع العربي- الإسرائيلي غير قابل للمساومة.أما الفريق الثاني فرأى أن الموقف السوري من القرار الإتهامي لا يمكن أن يكون عمليا مشابها لموقف سورية من اتفاق 17 ايار لاعتبارات عدة أبرزها أن الظروف بين 1982 واليوم مختلفة تماما لا سيما على الصعيد الدولي:1- فعندما سعت سورية الى اسقاط اتفاق 17 ايار إنما كانت تفعل ذلك بالتفاهم مع قطب دولي اسمه الاتحاد السوفياتي الذي كان الاتفاق يمس مصالحه في الشرق الأوسط ويخل بالتوازنات التي كانت قائمة يومها بين المعسكرين الشرقي والغربي في المنطقة. أما اليوم فإن القرار الاتهامي يحظى باعتباره جزءا من عمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بإجماع دولي لم تخرج عنه أي من الدول الكبرى.2- عندما تصدت سورية لاتفاق 17 ايار ودعمت فريقا من اللبنانيين لإسقاطه، إنما كانت ترفع شعارا كبيرا اسمه الصراع العربي -الإسرائيلي والحفاظ على الحقوق العربية، في حين أن التصدي للقرار الاتهامي ومحاولة إسقاطه يعني التصدي لمحاولة كشف حقيقة من يقف وراء الاغتيالات السياسية التي تعرض لها عدد من القادة السياسيين وأصحاب الرأي في لبنان على مدى السنوات الماضية.3- عندما عملت سورية على إسقاط اتفاق 17 ايار عسكريا في لبنان، كان لبنان لا يزال في عز حروب داخلية، في حين أن لبنان اليوم خرج من الحروب الداخلية ولم يعد هناك من مبرر لدعم فريق ضد فريق آخر.4- عندما عملت سورية على اسقاط اتفاق 17 ايار كان المستهدف لبنانيا فريقا سياسيا يفتقد الامتداد العربي والعمق الحيوي الإسلامي باعتبار أن المسلمين اللبنانيين كانوا شبه مجمعين على الغاء اتفاق 17 ايار، في حين أن محاولة اسقاط القرار الاتهامي بالقوة العسكرية يعني مواجهة فريق كبير من مسلمي لبنان له امتداداته وعمقه العربي والإسلامي، مما قد يحول التصدي للقرار الإتهامي مواجهة ليس فقط لبنانية – لبنانية وإنما في مكان ما سورية – عربية، تضاف الى الطبيعة السورية -الدولية لمثل هذه المواجهة.
دوليات
تشبيه الأسد القرار الاتهامي بـ «اتفاق 17 أيار»... سقف سياسي للمواجهة في ظروف تختلف عن الثمانينيات
29-12-2010