يروى أن شاباً مناضلاً لاتينياً قال له جلادوه وهم يقودونه إلى حبل المشنقة: «ماذا تريد أن تقول قبل شنقك؟»، فأجابهم وابتسامة الواثق تحتل مساحات وجهه: «لم أخضع للذل طوال حياتي، وأنتم أكثر من يعلم ذلك، واليوم سأُشنق وأموت فترتفع قدماي فوق رؤوسكم».

Ad

***

الحكومة اليوم لا تميز بين رائحة الورود ورائحة البلاستيك المحترق، ولا تتلذذ بالأطعمة، فالخائف تختلّ حواسه. وهي اليوم في وحل، وكلما تحركت غاصت قدماها فيه أكثر، ووسائلها الإعلامية تتصرف بعصبية، فتارة تلجأ إلى التزوير، وتارة إلى التبرير، وتارة ثالثة تعمد إلى التغرير. ويوم أمس وصلني إيميل يعرض الصور المنشورة في جريدة الشاب العصامي حول مسرحية «بو جعل»، وكيف تم «تركيب» الصور و»تزويرها».

وأحد نواب الحكومة «العقلاء»، يعتقد، بكل ما أوتي من «ترقيع»، أن من حق الحكومة أن «تُرضي» النواب ليصوّتوا لصالحها، لكنه لم يشرح لنا كيف يمكن أن ترضيهم، هل تدسّ في جيب الواحد منهم «كاكاو» كما نفعل مع أطفالنا الغاضبين لنرضيهم، مثلاً؟ وبماذا أرضته هو؟ وهل يمكن أن نفسر مواقف العدوة والحويلة ومزيد ودليهي (هؤلاء الأربعة يقاومون الغرق في طوفان ناخبيهم الغاضبين، وسيصوتون بالامتناع، باستثناء دليهي الذي سيؤيد، والامتناع يعادل التصويت بمنح الثقة. طبعاً ما لم تتغير المواقف، فالأيام في شهرها التاسع) أنه تم إرضاؤهم؟ وليته شرح لنا كيف يمكن لأحد المتخاصمين إرضاء القضاة/النواب؟

ولم أضحك كما ضحكت على الحكومة وهي تريد إعادتنا إلى «حياة البداوة»، بعد أن تمدّنّا، على عكس حكومات كوكب الأرض كلها، إذ استضافت إحدى أدواتها الفضائية مجموعة من شيوخ القبائل، وهي تعلم أن مسمياتهم باتت «شرفية» - مع التقدير لشخوصهم والاحترام لمكاناتهم الاجتماعية - بدلاً من محاربة التعنصر القبلي، وهي التي ضربت الفرعيات بيد من حقد وعصا من سفه، سابقاً، واليوم تعزز القبلية وتتكفل بخيامها!

وسيدنا يوسف عليه السلام، أجمل رجال الأرض منذ بدء الخليقة إلى يوم يبعثون، وأشهر بدويٍّ عرفه التاريخ، شكر ربه وهو يخاطب أخوته: «وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ».

والبداوة فيها من الشرف ما فيها، لكنها لا تبني الدول ولا توفّر لها الأسمنت، ولا تعترف بقوانين البلدية. وأهم ما في البداوة الترحال خلف الكلأ ومطاردة البرق، ويبدو أن حكومتنا، التي تظهر لسانها للقرن الواحد والعشرين، ستأمرنا قريباً بنقل خيامنا على ظهور الإبل كي تقودنا إلى عين ماء نتقاتل عليها مع الآخرين.

***

نصيحة: إذا كنت جائعاً وتبحث عن «طعام صحي»، فعليك بتناول «مدونة ولادة»، فهي غنية بالفيتامينات وألذ من الفواكه وأطعم من الحلويات. ولو مَنعت «ولادة» الدخول إلى مدونتها إلا «باشتراك شهري» كما تفعل الفضائيات الرياضية لكنتُ أنا أحد أوائل المشتركين في باقتها... «ولادة شكراً» فقد أثبتِّ لنا، بالدليل الجميل، أن هناك من يستطيع ضمّ الوطن واللغة الراقية والشعر العميق والصياغة الممتعة والصدق والنقاء وحب الحياة على صدره، دون أن يقع شيءٌ منها.

لا تطوفكم «مدونة ولادة» لا أبا لكمُ، لكن احذروا السمنة...

http://walladah.blogspot.com/