يجلس مؤذن مسجد النور في حي العباسية في القاهرة، الشيخ محمد علي، في المسجد يستمع إلى صوت الأذان الآلي الذي يصدر عن جهاز استقبال صغير متصل بجهاز إرسال يتبع وزارة الأوقاف وتبث عبره الأذان للصلاة، ويفكر في مصيره الذي أصبح مجهولاً بعد أن بدأت الحكومة تطبيق مشروعها للأذان الموحد.
يهدد مشروع الأذان الموحد، الذي بدأت وزارة الأوقاف المصرية تطبيقه منذ مطلع شهر رمضان في 4500 مسجد، باندثار صورة المؤذن المصري التي رسمها الفنان العالمي جان ليون جيروم عام 1865، وهو يعتلي مئذنته في هيبة وجلال لينادي للصلاة في لوحته المعروفة بلوحة "المؤذن المصري".منذ بداية شهر رمضان الجاري وحالة من الترقب وتساؤلات تطرح بشأن مصير عشرات الآلاف من المؤذنين، الذين لم تعد هناك حاجة إلى أصواتهم، ليواجهوا خطر التسريح والبطالة المؤكدة أو العمل في مهن هامشية في المساجد.المشروع الذي بدأ بمساجد القاهرة في مرحلته الأولى، مخطط له أن يعمم على باقي محافظات الجمهورية في المراحل المقبلة، وهو ما يعني الاستغناء عن 63 ألف مؤذن في جميع أنحاء مصر– وهو عدد مواز لعدد المساجد التابعة لوزارة الأوقاف– إضافة إلى المساجد والزوايا الأهلية التي لم يتم حصرها رسمياً لكنها تقدر بالآلاف.وزير أوقاف مصر الدكتور حمدي زقزوق يؤسس دفاعه عن مشروعه على أن "الناس تشكو مر الشكوى من ضجيج مكبرات الصوت في المساجد"، لذلك يهدف "الأذان الموحد" إلى المحافظة على قدسية وجلال وروحانية الأذان.وقد تم تزويد مساجد القاهرة بأجهزة استقبال متصلة باستوديو مركزي يبث الأذان بصوت مؤذن تم اختياره بعناية، ويتيح هذا النظام الآلي التحكم في مستوى الصوت، بحيث لا يكون مرتفعاً أكثر مما ينبغي.وأقر زقزوق مسابقة لـ25 مؤذناً ليختار من بينهم أندى الأصوات التي سترتفع بالأذان في سماء القاهرة، دون النظر إلى مصير عشرات الآلاف من المؤذنين الذين اكتفت وزارة الأوقاف بطمأنتهم، وتأكيد أن الوزارة لن تسرحهم، ولكن ستحيلهم إلى أعمال أخرى في المساجد، وهو وعد تركه المؤذنون للأيام لتظهر مدى صدقه.ورغم أن رواتب المؤذنين والقائمين على المساجد عموماً لا تتعدى ثلاثمئة جنيه، فإن المؤذنين يخافون الانضمام إلى طابور البطالة الطويل في مصر.ويقول مؤذن مسجد النور: "المشكلة أن هذه هي وظيفتنا الوحيدة التي اعتدناها، ولا يمكن لنا البحث عن بديل آخر، خاصة أن معظمنا قد تعدى سن الأربعين، ولا يمكن لنا البحث عن بديل، كما أن أجر المؤذن في أكبر مساجد القاهرة لا يزيد على 250 جنيهاً (ما يعادل 50 دولاراً)".ويقترح الشيخ محمد علي، مؤذن مسجد النور، أن تقر الوزارة مسابقة لاختيار أفضل الأصوات وأحسنها، ويكون الفائزون هم من لهم حق رفع الأذان في المساجد بدلاً من إلغاء المنظومة كلها، كما أكد أن "المشروع نهايته الفشل بعد شهور من العمل به، لأن الناس لن ترضى بالمؤذن الآلي، كما أن الأعطال ستوقف عمل أجهزة بث الأذان".
آخر الأخبار
مصر: المؤذن الآلي يوحّد المآذن ويهدِّد 63 ألف شخص بالبطالة
30-08-2010