على ركن إحدى الطاولات أحضرت زوجتي «بروازاً» أنيقاً، ووضعت فيه صورة لي في الليلة التي حُكم فيها بإعدام حياتي العزوبية، والابتسامة كانت تشق الوجنتين شقاً، ولا أعلم هل «بروزتها» عشقاً في ابتسامتي، أم عشقاً في أيام الخطوبة الوردية التي دائماً ما تعيش النساء على ذكرى أطلالها، متناسيات أن لكل فترة أسلوباً مختلفاً في إظهار المحبة.ظل هذا «البرواز» أكثر من سنتين قابعاً في مكانه بلا حراك، إلا عندما ترى زوجتي ابتسامتي قد غزاها الذبول، فتأتي بسلاحيها الفتاكين، قطعة القماش في يد وبخاخ الماء في اليد الأخرى
وهما كفيلان بتدمير كل آثار الغبار، الذي حاول استعمار بياض أسناني وتكور وجنتي. وعندما انتصف عام زواجنا الثالث أصبحت طفلتي التي رزقني إياها ربي، تجبر زوجتي على توزيع ابتسامتي في كل أركان المنزل، وفي حين كنا في عصرنا ندفع أربعة ريالات للبحث عن شخصية فضولي داخل صفحات مجلة ماجد، فإن طفلتي تمارس هواية البحث عن ابتسامتي بالمجان في أركان المنزل. وعندما كنا «نتصايح» فرحاً باستكشاف شخصية فضولي فإن طفلتي تأخذ يدي فرحاً باكتشاف ابتسامتي، وسبابتها النحيلة تشير إلى «البرواز»، مصحوبةً بإيقاعٍ موسيقي جميل من شفتيها العذبتين «بابا بابا».وعندما ملت زوجتي من كثرة سقوط ابتسامتي على الأرضقررت حبسها في خزانة الملابس، وعلى بقايا أطلال لآخر مكان احتضن ابتسامتي.أحزنتي طفلتي عندما أشارت من جديد بسبابتها النحيلة، لكنها هذه المرة كانت مصحوبةً بإيقاع موسيقي حزين «بابا بابا»، فنظرت إليها وأنا أدعو الله أن يكرمني وأراها في سن النضوج، فأعلمها أننا عندما «نبروز» في قلوبنا ابتسامة واحدة فإن حياتنا ستبقى نحيباً على الأطلال، في حين أن كل ابتسامة في حياتنا بحاجة إلى «بروازها» الخاص، ستعجل من نظرتنا إلى الحياة نظرة تفاؤل وعطاء، لا نظرة يأس وجفاء.كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
ابتسامتي والمعاناة!
30-04-2011