ردود الفعل السياسية من قبل العديد من النواب والشخصيات والقوى السياسية الوطنية تجاه الاستجواب الأخير الموجه إلى سمو رئيس مجلس الوزراء بشأن السياسة الخارجية عموماً وأحداث البحرين خصوصاً، ووصفه بالاستجواب الطائفي أغنتنا عن الدخول في مهاترات ومزايدات إضافية وتذكية التصعيد المذهبي بين السنّة والشيعة كفصل جديد من مشهد الاحتقان المريض الذي لا يبدو لنهايته أفق من التفاؤل الكبير.

Ad

ولذلك فإنه من الضرورة بمكان أن تؤخذ ردود الأفعال هذه من قبل النواب المستجوبين على محمل الجد، ومن منظور الرشد السياسي، ووفق رؤية مستقبلية تضع خلالها الوحدة الوطنية والاستقرار السياسي والعمل البرلماني المشترك على قمة أولويات المصلحة العامة.

فالسياسة الخارجية منذ نشأة الكويت كانت الحصن الحصين لبقاء الدولة وحماية شعبها بفضل الحيادية والتوازن في إقليم دائم الاضطراب والحساسية، وفي الكثير من المحطات التاريخية كان الرهان على عدم الانجرار خلف الصراعات الإقليمية في المثلث الإيراني، السعودي، العراقي هو صمام الأمان للكويت كياناً وشعباً، وحتى في حالات التهديد المباشر من قبل دول الجوار كان الملجأ الدفاعي للكويت من خلال القوى الكبرى لا عبر الاستقواء بطرف إقليمي على حساب الأطراف الأخرى.

وبينت التجربة الوحيدة عند الإخلال بهذا التوازن الإقليمي في السنوات الأخيرة للحرب العراقية الإيرانية أن نتيجتها كارثية وتبعاتها غير محتملة وتكلفتها غالية جداً.

ولهذا فإن إقحام أحداث البحرين وجعلها مادة لاستجواب رئيس الحكومة، وتغليفها بغطاء طائفي وبهذا الوضوح والجرأة لا تعكس فقط سوء التقدير والتوقيت والفشل في اختيار الموضوع، إنما جر المنطقة برمتها إلى أتون التصعيد الطائفي، والعمل على تمزيق ما تبقى من أواصر اللحمة الداخلية والجهود المضنية لعلاج أو حتى وقف نزيفها الدامي.

وسواء كانت النوايا وراء استجواب رئيس الوزراء على أحداث البحرين نابعة من جهل وقصور سياسي، أم عن دراية وتعمد وجهل مركب، فهي بلا شك سوف تزيد من قوة الحكومة وتضاعف جبهة الدفاع عنها، بل قد تساهم في ترك وإهمال الملفات الخطيرة والتجاوزات المستمرة التي تهم كل الكويتيين وحقوقهم، ويجب أن تحاسب الحكومة عليها وتتطلب المزيد من التنسيق والتعاون بين قطاعات المعارضة وحتى المحايدين وعموم الرأي العام الكويتي، ومن المرجح بل قد يكون من المؤكد أن هذا الاستجواب سوف ينسف هذا المشروع نسفاً.

أما مادة الاستجواب بحد ذاتها فتدعو إلى الخجل قبل أن تكون مثالاً للسخرية والتناقض وهدم بقايا المبدأ والموضوعية، فهل يعقل أن يتم استجواب رئيس مجلس الوزراء قبل أشهر قليلة على خلفية مصادرة حق الشعب الكويتي في التعبير عن رأيه وتعريضه للإهانة والضرب من قبل القوات الخاصة، ونجاح مختلف شرائح المجتمع الكويتي وبتناقضاتهم الفكرية والسياسية والمذهبية في خلق جبهة وطنية رغم استماتة الحكومة وإعلامها في تشويه هذا المظهر الحضاري، ومن ثم وخلال بضعة أسابيع يستجوب نفس رئيس الوزراء لأنه لم يبعث بالجيش الكويتي المدجج بالسلاح لقمع وترويع وقتل شعب خليجي طالب ولا يزال بالإصلاح السياسي وإطلاق الحريات، ونادى بتغيير رئيس وزرائه كما طالبنا نحن في الكويت، وفي إطار حراك شعبي عربي شامل ممتد من الخليج إلى المحيط بحثاً عن الحرية والديمقراطية فسقط من الأنظمة الفاسدة من سقط ومنهم من ينتظر نحبه؟!

ولذا وبعيداً عن بهارات الطائفية وشعارات الحرية والديمقراطية نقول للنواب المستجوبين ومن أعلن وقوفه مع هذا الاستجواب والذهاب به حتى النهاية فقط، وفقط لأنه موجه إلى الشيخ ناصر المحمد أليس منكم رجل رشيد؟!

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة