جمعية لكل مواطن!
حداثة بعض مؤسسات المجتمع المدني في السعودية وجمود بعضها الآخر وصورية قسم ثالث منها ساهمت في توجه عدد كبير من السعوديين والسعوديات لبناء مجتمعهم المدني على شبكة الإنترنت, والإنترنت هدية السماء لإنسان العولمة كي يتخلص من الحواجز الكثيرة التي تقف حائلاً بينه وبين الحقيقة, حيث انتشرت حملات «الفيس بوك» والمنتديات الإلكترونية المتخصصة في قضايا محددة, ومع مرور الأيام أصبحت هذه التجمعات «العنكبوتية» تشكل جماعات ضغط مؤثرة ونجحت أكثر من مرة في تحقيق أهدافها مثلما حدث خلال كارثة سيول جدة العام الماضي أو مثلما حدث قبل شهر حين تم إطلاق سراح الدكتورة سمر بدوي.
كانت بدايات هذه التجمعات الإنترنتية بسيطة جداً وأحياناً سطحية جداً, حيث ظهرت في البداية حملة «خلوها تعنس» لمحاربة ظاهرة غلاء المهور, ثم ظهرت حملة أقوى بعنوان «خلوها تصدي» لمواجهة غلاء السيارات، وحملة ثالثة بعنوان «خلوها تخيس» لمحاربة ارتفاع أسعار الألبان، وهكذا استمرت كلمة «خلوها» حتى أصبحت الحملات الإنترنتية أشبه ما تكون بحوارات شعراء القلطة!وبالتوازي مع هذه الحملات البسيطة ظهرت تجمعات إنترنتية أكثر تنظيماً وتتمتع برؤية أشمل مثل موقع «مبادرة الطلاق» الذي أنشأته الصحافية هيفاء خالد للدفاع عن حقوق المطلقات، وأصبح اليوم العنوان الأبرز لهذه الفئة من المجتمع ولا أبالغ حين أقول إن هذا الموقع حقق ما لم تستطع تحقيقه الجمعيات المعنية بهذا الموضوع, أما المعلمون فقد أنشؤوا أقوى التجمعات الإلكترونية للمطالبة بحقوقهم الوظيفية وأصبحت منتدياتهم هاجساً يؤرق وزارة التربية والتعليم إلى درجة أنها هددت بمعاقبة المشرفين على هذه المنتديات بعد أن وجدت أن أغلب معلميها ينفذون اعتصاماتهم الاحتجاجية أو يرفعون الدعاوى القضائية ضدها بناء على تنسيق يجري في منتدياتهم الإلكترونية. ومن المنتديات الشهيرة أيضا منتدى «مقاطعة» المتخصص في الدفاع عن حقوق المستهلكين وفضح الغش التجاري ونشر الوثائق التي تكشف تلاعب بعض الشركات وتنظيم حملات لمقاطعة بعض السلع الاستهلاكية مع ذكر البدائل, ولا يشك أي عاقل في أن دور هذا المنتدى الإلكتروني أكبر ألف مرة من الدور الذي تقوم به جمعية حماية المستهلك التي تحولت إلى جمعية لحماية مكاسب التجار!ولا يخلو الأمر من بعض الحملات الطريفة، فالنساء اللواتي غضبن من حملة «خلوها تعنس» ووجدن فيها إساءة للمرأة أطلقن حملة «خلوه يلبس بيجامه» لمحاربة العادة التي درج عليها العديد من الأزواج والمتمثلة في جلوسهم داخل البيت بالملابس الداخلية البيضاء, وهناك أيضاً حملة لتمكين النساء من البيع في محال «اللانجيري» وإنهاء الوضع الحالي المتمثل في قيام رجال وافدين ببيع الملابس الداخلية والمستحضرات الخاصة للنساء... واسم هذه الحملة «كفاية إحراج»!* كاتب سعودي