حرب الحريات!
من تابع سلسلة الندوات الأخيرة المقامة تحت شعار التحدي يدرك هذا المعنى، حيث عبرت وببساطة شديدة عن مشاكل مزمنة تناولتها الصحافة والإعلام وحتى ندوات الدواوين في السابق عشرات المرات، لدرجة أن أصبحت مكررة ومملة، حتى على صعيد الحضور الجماهيري، ولكنها اكتسبت في الوقت نفسه سمات البطولة والشجاعة فقط لأن الحكومة هددت بمنعها.
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
وبمعنى آخر فإن الهالة الإعلامية التي صورتها الصحافة وبعض القنوات الفضائية بشأن هذه الندوات والصورة المخيفة التي عكستها لم تكن سوى فقاعات خاوية، الأمر الذي يؤكد طبيعة المبالغة والتهويل التي نعيشها في الكويت في مختلف قضايانا وتعاطينا مع الأمور والأحداث. ومن حيث الأصل والمبدأ فإن حرية التعبير عن الرأي وإقامة الندوات بل انطلاقتها من الديوانيات حق دستوري أصيل وثقافة مجتمعية راسخة وإرث تاريخي كويتي من المستحيل التنصل منه أو تقييده، وقد نختلف سياسياً وفكرياً حتى النخاع مع عناوين بعض الندوات العامة والرموز المشاركة فيها وتوقيتها وأماكن إقامتها بل حتى دوافعها ونواياها، ولكن هذا لا يبرر لنا على الإطلاق أن نحرض على قمعها، ولا يعطي أي مسوغ قانوني للحكومة بتهديدها أو العمل على منعها.نعم قد تصل بعض التجمعات إلى حد تجاوز الخطوط الحمراء وتهدد الاستقرار الداخلي أو تستغل لإضرام نيران الفتنة وتؤدي إلى عواقب وخيمة، وهذه حالات نادرة يمكن احتواؤها بسهولة خصوصاً إذا كان الذوق الشعبي العارم يوفر غطاء الردع ضدها، وقد شهدنا بالأمس القريب عدة نماذج من هكذا تجمعات ملغومة لاقى منعها ارتياحاً شعبياً عريضاً.ولكن أن تتحول سياسة قمع الندوات الشعبية خصوصاً عندما تحمل عناوين رئيسة للقضايا التي ابتلينا بها نتيجة التخبط والفساد والتخلف إلى نهج منظم فهذا خط أحمر بحد ذاته، بل الأكثر من ذلك فإن عقلية التهديد والوعيد سوف تحولها بلا شك إلى بطولات قد تكون في معظم الأحيان وهمية ومصطنعة.ومن تابع سلسلة الندوات الأخيرة المقامة تحت شعار التحدي يدرك هذا المعنى، حيث عبرت وببساطة شديدة عن مشاكل مزمنة تناولتها الصحافة والإعلام وحتى ندوات الدواوين في السابق عشرات المرات، لدرجة أن أصبحت مكررة ومملة، حتى على صعيد الحضور الجماهيري، ولكنها اكتسبت في الوقت نفسه سمات البطولة والشجاعة فقط لأن الحكومة هددت بمنعها، ومثل هذه السياسة الساذجة بصنع البطولات ليست بغريبة على الحكومة التي طالما "شرت من حلالها علة"، وخلقت من بعض معارضيها رموزاً شعبية يشار إليها بالبنان!