أستاذ العقيدة والفلسفة في جامعة الأزهر د. أحمد السايح: لا صلة للإسلام بالحجاب أو النقاب

نشر في 25-08-2010 | 00:00
آخر تحديث 25-08-2010 | 00:00
للمرأة شأن كبير في الإسلام، كرّمها وأعلى شأنها وساوى بينها وبين الرجل. يكشف د. أحمد السايح، أستاذ العقيدة والفلسفة في جامعة الأزهر، في حواره المثير للجدل مع «الجريدة»، أن نظرة البعض الدونية الى المرأة جاءت من تيارات سلفية متشدّدة استحدثت عادات جديدة على الإسلام كالنقاب والختان.

كيف يتعامل الإسلام مع المرأة؟

نظرة الإسلام إلى المرأة هي نفسها نظرته إلى الرجل طبقاً لقوله تعالى في سورة النساء: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا» النساء 1، وقوله تعالى أيضاً: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً» الروم 21، فالمرأة والرجل مخلوقان من نفس واحدة. اعتبرت هذه النظرة المرأة مكلّفة مثل الرجل لأنهما يؤديان الأمانة كما قال تعالى: «إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ» الأحزاب 72، فالإنسان، سواء كان رجلاً أو امرأة، مطالب بالتكليف أي بالمسؤولية، لذا نجد أن الآية 35 في سورة الأحزاب في قوله تعالى «إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ...» تؤكد مشاركة المرأة للرجل في عقائد الإيمان وفي كل شيء في الحياة. بناء على ما تقدّم نستطيع القول إن المرأة مسؤولة مسؤولية كاملة عن مجتمعها، تساهم فيه لدفع حركة الحياة إلى التقدم، وإبعاد المجتمع عن الاغتراب الزماني والمكاني، وتؤدي دورها لتكون مفيدة للمجتمع طبقاً لقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «خير الناس أنفعهم للناس»، فالمرأة النافعة هي المجتمع كله.

كيف ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في ظلّ نظام المواريث الذي ينطلق من النص التشريعي القرآني «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ»؟

أنصف نظام المواريث في الإسلام المرأة وأبرز شخصيتها. يجد المراقب لنظام ميراث المرأة في الإسلام أن الدين الحنيف أعطاها نصف ما أعطاه للرجل «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ» النساء 11، وذلك لأن المرأة لا تتكفل شيئاً، فمهرها على زوجها ونفقتها في الحياة على والديها والمجتمع الإسلامي يتحمل مسؤوليتها، وترث مثلما يرث الرجل، وفي بعض المواقف قد ترث ولا يرث الرجل.

نظام إرث المرأة في الإسلام، هل تفوّق على نظيره من قوانين الميراث الوضعية في الغرب؟

يفرّق بعض الأنظمة القانونية الغربية بين الأبناء في الميراث، وهذا ما يتناقض مع الإسلام الذي أعطى المرأة حقوقها كما ينبغي، وعاملها معاملة كريمة وأنصفها بما لا تجد له مثيلاً في القديم ولا الحديث؛ إذ حدد لها نصيبـاً في الميراث سواء قل الإرث أو كثر، حسب درجة قرابتها للمتوفى، قال تعالى في سورة النساء آية 7: «لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا»، وبهذا المبدأ أعطى الإسلام منذ أربعة عشر قرناً حق النساء في الإرث كالرجال.

إلى أي مدى أتاح الإسلام للمرأة الإرادة الحرة في الاختيار، في ما يتعلق باستقلالها الاقتصادي وخصوصاً في المعاملات المالية؟

في ما يتعلق بالمعاملات المالية والاقتصادية، أعطى الإسلام المرأة الذمة المالية كاملة، فللمرأة حق التملك وتأسيس مصانع وشركات خاصة بها كالرجل تماماً، وبذلك حقق الإسلام إرادة المرأة فهي تريد ما تشاء، ومتاح لها الملكية الخاصة والعامة ولها حرية الاختيار والمنح والمنع.

يطالب بعض المنظّمات التي تهتم بالمرأة بحقوقها على رغم إنصاف الإسلام لها، كيف ترى هذا الأمر وما تأثيره على وضع المرأة؟

إنه تأكيد على وجود نظرة دونية من بعض المسلمين الى المرأة، وقد جاءت بالوراثة من توراة بني إسرائيل الذين كانوا ينظرون إليها نظرة دونية، لكن الوضع في الإسلام ليس كذلك، فهي لها حقوق كاملة مثل الرجل تماماً، ولن تضرّ هذه المطالبات الإسلام في شيء، لأن له قيمه وثوابته، وينبغي على المسلمين أن ينظروا إلى المرأة من فقه القرآن وقيمه التي أعزت المرأة.

كثر الحديث أخيراً، عن ضرورة تحرّر المرأة من القيود في المجتمعات الإسلامية، فما قيمة هذه المطالب في ميزان الشريعة؟

هذه المطالب دليل على أن النظرة الدونية إلى المرأة ما زالت قائمة في المجتمعات الإسلامية،على رغم التقدم العلمي الهائل، فقد جعلها بعض المسلمين عورة من أعلى جسمها إلى أسفله إضافة إلى صوتها. يتنافى هذا الأمر مع مبادئ الإسلام ويدلّ على عدم فهم ما دعا إليه القرآن الكريم. يأتي مقياس هذه المطالب في الشريعة من منطلق أن يستجيب المسلمون لآيات القرآن الكريم، وأن تأخذ المرأة حقها كما أمرنا الله تعالى، فمن حقّها أن تكون قاضية وإمامة وهذا جائز شرعاً.

هل معنى ذلك أنه يجوز شرعاً للمرأة أن تؤم المصلّين من الرجال؟

إمامة المرأة جائزة بأمر الفقهاء، وقد خصّص الإمام محيى الدين بن عربي، في الجزء الأول من كتابه «الفتوحات المكية»، باباً كاملاً عن إمامة المرأة (ص364)، وأجاز بعض الفقهاء إمامة المرأة لأن الرسول (صلي الله عليه وسلم) شهد لها بالكمال. أمت الدكتورة أمينة داود المسلمين في أميركا لكنها هُوجمت من الجهلاء الذين لا يفهمون الفقه الإسلامي، فـ{الطبري – الخوارجي» صلّت بهم امرأة اسمها غزالة.

وإذا تعلّل البعض بكيفية الصلاة خلف امرأة وقد تظهر مفاتنها أثناء الركوع والسجود؟

سنقول له: لا تصلي فلم تجبر على ذلك. الصلاة خشوع، مرّ الرسول (صلى الله عليه وسلم) على رجل يصلي ويعبث في لحيته فقال: «لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه»، ثم ليس في الإمامة ما يفتن لأنها ترتدي الزي الإسلامي.

ما معنى القوامة في الإسلام؟ وهل هي قوامة مادية فحسب؟

القوامة تعني ولاية يفوّض بموجبها الزوج تدبير شؤون زوجته، والقيام بما يصلحها، وعلينا أن نعلم بأن قوامة الرجل على المرأة في الإسلام ليست مجرد القيام بأمرها أو نهيها، بل الاهتمام بأمرها كله والنظر في ما يعنيها ويهمها من أمور حياتها والإنفاق عليها ورعايتها، وهي من أهم القواعد التي يُعتمد عليها بناء الأسرة، أوكلها الله للرجل في قوله تعالى في سورة النساء آية 34: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم» وهي تعني أنهم مسؤولون في البيت والأسرة عن نسائهم، والتفضيل هنا في الدرجة وليس في النوع، كما يصور أعداء الإسلام، ثم لا تعني هذه الدرجة للرجل انعدام المساواة بينه وبين المرأة، إذ تخضع العلاقة بين الإثنين لأحكام متكاملة.

هل القوامة حقّ للرجل فحسب أم قد تنتقل شروطها إلى المرأة؟

تتمثل شروط القوامة لدى الرجل بأن يكون مسلماً متصفاً بالقيم ومؤدياً لرسالته في حركة الحياة. لا يمكن أن تنتقل شروط القوامة إلى المرأة لأنها نص قرآني وثوابت في الشريعة الإسلامية لا بد من التمسّك بها.

لماذا وضع الإسلام الطلاق بيد الرجل دون المرأة؟

جعلت الشريعة الطلاق في يد الرجل، لكنها أعطت المرأة في المقابل حق الخلع، وألزمت الرجل بالتكاليف المالية الإجبارية، فليس من العدل أن يكلّف بالمهر والنفقة والسكن والكسوة ونفقة الأولاد ثم لا تعطى له صلاحية مناسبة لما أعطي من مسؤوليات.

الطلاق في الإسلام ليس نزوة عارضة ولا غضباً بل فعلي وعملي، ولعله يكون معلوماً أن الطلاق العملي لا يتم إلا بعد مرور خمس مراحل طبقاً لقوله تعالى: «وَالَّلاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ» النساء 34، وهذه مراحل ثلاث بين الرجل وامرأته، فإذا خرجت بعد ذلك الأمور من هذه المراحل تصبح المرحلة الرابعة التي تقوم بها الأسرة، قال تعالى: «فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا» النساء 35، تأتي المرحلة الخامسة في قوله تعالى في أول سورة الطلاق: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ» الطلاق 1. هذه المراحل الخمس التي يكون بعدها الطلاق العملي الفعلي، لأنه ليس من السهل على الإسلام أن يطلّق الزوج زوجته بلفظة يلفظها بعيدة عن المنهج الإسلامي، على رغم أن الزواج يمرّ بمراحل عدة قبل الزواج من تعارف وخطبة وغيرهما.

دور المرأة المسلمة في الأسرة وفي الحياة العامة هو موضع جدل وخلاف شديدين، فما رأيك في هذه القضية؟

تقع على عاتق المرأة المسؤولية في بناء حركة الحياة لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: «المرأة راعية ومسؤولة في بيت زوجها»، ومن منطلق المسؤولية أن تساهم باقتدار في تهذيب الأولاد وتربية النشء، وما يوفر الأمن والاطمئنان للزوج، هذه رسالتها ودورها في المجتمع والوطن لتكون فاعلة وبانية.

هل استطاعت الهجمة الغربية على قضايا المرأة المسلمة ومحاربة حجابها أن تنال من المرأة المسلمة؟

احترم الإسلام المرأة التي ترتدي زي الإسلام، بمعنى ألا تفتن الرجل ولا تظهر له ما يفتنه. أرفض كلمة حجاب لأن معناها ساتر، إذ يجب أن تشارك المرأة المسلمة المجتمع في ما تفعله وترتدي زي الإسلام.

تشير هذه الهجمة الغربية إلى عداوة الغرب لكل ما هو إسلامي، وقد تكون صناعة يتخذها المتشددون في بعض المجتمعات الإسلامية، علماً أن التشدّد لا أصل له في الإسلام، طالما تلتزم المرأة بالزي الإسلامي تبتعد عن مثل هذه الرؤى. معروف أن الغرب مليء بالحقد والتعصب ضد الإسلام والمسلمين، وهذه أمور قد تكون مفهومة للمسلمين، لذا لن يكون ذلك مؤثراً طالما نحن متمسكون بعقيدتنا.

ماذا عن مفهوم الحجاب الصحيح؟

تعني كلمة حجاب أن تمنع المرأة من رؤية الرجل بدليل قول الله تعالى في سورة النور: «قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ» النور 30، وقوله تعالى: «وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ» النور 31، إذاً المطلوب في قيم العفة أن يغضّ الإنسان، سواء كان امرأة أو رجلاً، نظره، وهذا معناه أن ثمة اختلاطاً في الإسلام، أما لو قلنا: «حجاب»، فيعني ذلك أنه لا التقاء ولا اختلاط، بدليل الأحاديث النبوية للرسول (صلى الله عليه وسلم) حيث قال ذات مجلس: «هل يأتي أحدكم زوجته ثم يذهب ويحكي، وتأتي المرأة زوجها ثم تحكي فقامت امرأة سفعاء الخدين وقالت: يا رسول الله إنهن لا يفعلن»، وسفعاء الخدين أي وجهها مشرق بالحمرة ما يدلّ على أن المرأة لا تحتجب عن الرجال نهائياً.

هل الحجاب عادة أم عبادة؟

غطاء الرأس يكون من الحشمة والوقار وكمال المرأة، إنما لا يعني أنه حجاب، وليس عادة أو عبادة بل كمال المرأة، ومثال على ذلك أن عورة الرجل في الصلاة من السرة إلى الركبة، لكن عيون الناس لا بد من أن تغطي جسمه بأكمله، كذلك المرأة ينبغي أن تكون محتشمة وترتدي الزي الإسلامي.

لكنّ علماء كثراً يصفون كاشفة الرأس بالتبرّج والسفور؟

تخالف هذه الصفات تعاليم الإسلام، بالتالي للمرأة المسلمة أن تكشف شعرها، إذا رغبت، لكن إذا صلت فلا بد من أن تتحشم لتخرج من الخلاف بين العلماء. مثلاً، في الخلاف بين الفقهاء نجد أن الإمام مالك كان يقول: «بسم الله الرحمن الرحيم»، في الصلاة سراً للخروج من الخلاف، لأن علماء الفقه والتفسير مختلفون في البسملة، كذلك تغطي المرأة رأسها حرصاً على أقوال العلماء واحترامهم.

إذاً كيف يمكن تفسير الآية الكريمة «وليضربن بخمرهن على جيوبهن»؟

أي ستر فتحات الرقبة لأنها تظهر الصدر، والصدر عورة وبالتالي تضرب بالخمر على رقبتها وفتحات الصدر، ذكر ذلك علماء كثيرون. قال تعالى في سورة الأحزاب: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً»، بمعنى أن المرأة إذا لبست جلباباً ساتراً لكل مفاتنها ما عدا الوجه والكفين لتظهر أنها امرأة مسلمة يعرفها الناس.

هل معنى ذلك أن الشعر من المفاتن؟

لم أقل ذلك.

هل يتّسم زي المرأة المسلمة بشكل معيّن؟

زي المرأة كله لا شكل له، لكن لا بد من ستر جسمها كاملاً وخصوصاً المفاتن أي الصدر والأفخاذ، لذلك اشترط العلماء ألا يكون شفافاً ولا ضيقاً.

في رمضان تتجه النساء غير المحجبات إلى وضع غطاء على الرأس، ومع نهاية الشهر تنزعنه، ألا يعدّ ذلك ابتعاداً عن المنهج الإسلامي؟

وضع الحجاب في رمضان وخلعه بعد انتهاء الشهر ليسا ردة أو ابتعاداً عن منهج الإسلام، إنما تعتبر المرأة، من كثرة ورعها وتقواها، أن شهر رمضان ظرف زمان لنزول القرآن الكريم، واحتراماً منها لهذا الشهر الكريم تغطي كل ما يمكن أن يسبب خلافاً.

هل ترى أن الحجاب استُخدم لأغراض سياسية؟

نعم، فالمرأة نفسها استخدمت سياسياً منذ بزوغ الإسلام ومنذ خلقها الله سبحانه وتعالى. يعيش المسلمون لغاية اليوم في ظل مفاهيم إسرائيلية، لأن التوراة تقول إن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وينظر اليهود إلى المرأة نظرة دونية، كذلك ورث بعض المذاهب وبعض المسلمين هذه الأمور، أما المرأة فهي مساوية للرجل تماماً لأن الله خلقها من نفس واحدة والنفس الواحدة مخلوق كوني له احترامه وتقديره.

يدعونا انزلاق بعض نساء المسلمين في حبائل الفكر الغربي إلى التأمل والبحث عن الأسباب. كيف استطاع الغرب غزو المرأة المسلمة؟

السبب في ذلك هم المسلمون أنفسهم من خلال المذاهب والتيارات المتشددة كالوهابية والسلفية، التي كرّهت الإنسان بالإسلام بفعل التعصب الأعمى والفهم الخاطئ لبعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وأبعدت المسلمين عن مفاهيم الإسلام الصحيحة، ولو اهتمّ هؤلاء في خطابهم الديني بالقيم التي ترسخ مبدأ احترام المرأة وتمسكها بالمنهج الإسلامي الصحيح لما حدث ذلك.

النقاب في عيون الغرب سجن متحرك وفي نظر من ترتديه حرية، كيف تنظر إلى قضية النقاب من الناحية الشرعية وهل هو عبادة أم مجرد عادة؟

لا علاقة للنقاب بالإسلام ولا توجد آية تحث المسلمين على التمسك بالنقاب الذي تترتب عنه عزلة اجتماعية للمنتقبات، حيث يشكل جداراً عازلاً بينهن وبين محيطهن الاجتماعي. يُروى أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان معه ابن عمه الفضل بن العباس، وكانت تكلّم الرسول امرأة جميلة وكان الفضل شاباً فنظر إليها، فما كان من الرسول إلا أن أزاح بيده وجه الفضل عنها»، فلو كانت المرأة منتقبة فعن أي شيء أبعد الرسول بيده وجه الفضل، النقاب يسيء إلى المرأة المسلمة، وهو مجرد عادة وليس عبادة.

معنى ذلك أنك تؤيد اتجاه بعض الحكومات الغربية إلى حظر النقاب في الأماكن العامة.

لو كنت رئيس دولة أوروبية لمنعت النقاب منعاً باتاً، لأن لا أصل له في الإسلام وهو دليل على انحطاط المسلمين وتخلّفهم.

كيف ترى دور الإعلام العربي والإسلامي في طرح قضايا المرأة المسلمة ومناقشتها؟

يبدو لي أن طرح قضايا المرأة في الإعلام العربي والإسلامي ينبغي أن يتماشى مع تعاليم الإسلام والقرآن والأحاديث الصحيحة حتى نصل إلى خير ما قدر لنا.

يسود التضارب الإعلام العربي، إذ ثمة صحف سلفية وأصولية وأخرى علمانية، هذا الأمر يسمم الأفكار، لذا ينبغي أن يأخذ الإعلام من الإسلام الوسطي مرجعية له.

ثمة انقسام بين العلماء حول قضية ختان الإناث... كيف ترى هذه القضية؟

لا صلة للدين الإسلامي بمسألة الختان ويرجع سبب وجوده إلى النظرة الدونية الى المرأة التي ورثها المسلمون من المذاهب المتشددة، وهي عادات قديمة وقد يكون أصلها باطنياً أو مذاهب هدامة لا صلة لها بالدين أو بالإسلام. إذا كان الختان يخص شهوة المرأة فهو أمر بعيد تماماً عن الإسلام، ولم يقرّ الرسول (صلى الله عليه وسلم) الختان بل قال حديث الرسول: «إقطعي ولا تنهكي» إشارة إلى أنه كان موجوداً ولكن ليس فيه دليل على سنية الختان.

ينظر البعض إلى قضية تعدّد الزوجات باعتبارها انتهاكاً للمرأة... ما رأيك؟

تعدّد الزوجات مجرد حل لقضايا أمهات اليتامى، بدليل أول سورة النور التي انتهت بقوله تعالى: «وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ» النساء 1 وتكلمت الآية الثانية عن اليتامى وفي الآية الثالثة قال تعالى: «وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ» النساء 3، إذاً قالت الآية انكحوا ما طاب لكم من النساء وليس الفتيات، والمرأة قبل الزواج فتاة فإذا تزوجت أو طلقت أو رملت فهي من النساء.

معروف أن في كل أسرة أو قرية أو شارع يموت رجال كثيرون ويتركون زوجاتهم وأولادهم، لذا أمر الإسلام المسلمين بأن يتزوجوا من أمهات اليتامى لأن القضية تتمثل في مراعاة اليتيم الذي يتصل به رحمك، بدليل ما جاء في آخر سورة النساء آية 127 قال تعالى: «وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا»، القضية هنا حل لمشكلة اليتامى في المجتمع وليس مشكلة الرجل.

back to top