صرحت الحكومة أخيراً بأن لديها سياسة عامة جديدة لحل مشكلة "البدون" بشكل جذري، وهي المشكلة التي ازدادت تعقيدا وتشابكا بعد أن فشلت السياسات الخاطئة التي تبنتها الحكومة في العقود الماضية في إيجاد حل جذري لها ما أدى إلى تفاقمها مع مرور الزمن.

Ad

فما هذه السياسة الحكومية الجديدة؟

لا أحد يعرف، إذ ليس باستطاعة أحد الادعاء بأنه يعرف على وجه الدقة ما إذا كان هنالك سياسة حكومية جديدة فعلا لمعالجة مشكلة "البدون" لسبب بسيط جداً، وهو أن الحكومة لم تعلن حتى الآن بشكل واضح وشفاف سياستها العامة الجديدة بما فيها مبررات رسمها وإقرارها ودرجة الاختلاف والتشابه بينها وبين السياسات الحكومية السابقة، كما أنها لم تفصح بشكل واضح لا غموض فيه عن محتويات هذه السياسة العامة الجديدة، ولم تعط أي تفاصيل عن كيفية تشخيصها الجديد للمشكلة التي ستعالجها هذه السياسة العامة ونوعية الحلول التي وضعتها للقضاء عليها، بل إن الحكومة اكتفت، عوضا عن ذلك، بما تناقلته وسائل الإعلام بشكل مجزأ ومختصر عن فحوى التقرير الذي قدمه لمجلس الوزراء الأستاذ صالح الفضالة رئيس اللجنة المنبثقة من المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، والمكلفة بدراسة مشكلة "البدون" بالرغم من أن ما تناقلته وسائل الإعلام لم يكن كافيا لشرح السياسة الحكومية الجديدة التي طال انتظارها، وهو ما يعتبر خللا واضحا في طريقة عمل الحكومة، إذ من المفترض أن تقوم الحكومة دائما بشرح تفصيلي واف وشفاف لمحتويات سياساتها العامة الجديدة يتضمن الدفاع عن مبررات تبنيها لهذه السياسات دون غيرها، وتوضيح آليات وأساليب عملية تنفيذها، خصوصا أن لأفراد المجتمع دورا مؤثرا في صياغة السياسات العامة وفي عملية تنفيذها أيضا.

إنه لأمر محير حقا أن تغلف الحكومة سياساتها العامة غالبا بغلاف مبالغ فيه من الغموض والسرية في الوقت الذي يتحدث فيه العالم اليوم عن الحكومة الشفافة التي تشرح للناس السياسات العامة التي ستطبقها والقرارات والإجراءات التي ستتخذها حتى تضمن تأييدهم ودعمهم لها، الأمر الذي يساهم في نجاح السياسات الجديدة، إذ إنه من المعروف أن أي سياسة عامة لا يعرف الناس، أصحاب الشأن، عنها شيئا فهي سياسة فاشلة لا داعي لإضاعة الوقت والجهد والمال في رسمها من الأساس.

لكن وبالرغم من ذلك فإنه لا يزال في الوقت متسع لكي تقوم الحكومة بإعلان تفصيلي لسياستها الجديدة المتعلقة بمعالجة مشكلة "البدون"، والتي نأمل أن تكون سياسة عامة جديدة فعلا وناجحة تختلف عن السياسات السابقة الفاشلة، وتعالج هذه المشكلة الإنسانية من جذورها بعد أن أصبحت ميدانا للمزايدات السياسية والتكسب السياسي، وأضحت مشكلة شائكة تتداخل فيها عوامل كثيرة داخلية وخارجية.

ومن الآن وحتى تعلن الحكومة سياستها الجديدة الخاصة بمعالجة مشكلة "البدون" بشكل واضح وصريح وشفاف فإن السؤال لا يزال قائما، وهو: ترى هل من جديد لدى الحكومة لمعالجة هذه المشكلة المعقدة بشكل جذري؟ نأمل ذلك.