من غير المفهوم أن يتردد أعضاء العمل الوطني في كتلة «إلا الدستور» في حسم موضوع استقالة وزير الداخلية، لا خلاف أن الوزير لم يرضَ بجريمة تعذيب وقتل محمد المطيري، وأنه لم يكن موافقاً في الماضي على أي من أعمال التعذيب التي تجري على قدم وساق في إمبراطورية «دون كيلوني»، وهو رجل المافيا صاحب النفوذ في مؤسسات الدولة في فيلم العراب، هذه مسألة محسومة ولا أحد يحمّل الوزير وزرها، لكنه يتحمل سياسياً وأدبياً في كل الظروف، مثل تلك الجرائم البشعة التي يرتكبها رجال يفترض أنهم حماة القانون، وهم في الحقيقة ليسوا إلّا مجرمين يتلقون أوامر التصفيات الجسدية من رؤسائهم المجهولين حتى هذه اللحظة، ونتمنى أن تكشف تحقيقات النيابة ولجنة التحقيق بمجلس الأمة عن «دون كليونيات» وزارة الداخلية. كان أولى لسمو رئيس الوزراء قبول استقالة وزير الداخلية بمجرد تقديمها، ولو حدث أنه لم يقدمها لكان يتعين على سموه إقالته دون تردد، فماذا يعني اليوم الإصرار على رفض الاستقالة وحشر الدولة في استجواب للوزير لم يكن له داعٍ لو تم قبول استقالته المستحقة؟

Ad

هل هي مسألة عناد وغطرسة حكومية وغياب أبسط مبادئ الحصافة السياسية أم ماذا تكون؟! استقالة الوزير أو إقالته ستعني أن القيادة السياسية لم تكن ترضى عن أبشع انتهاك لحقوق الإنسان، وخروج الوزير هو أبسط تعبير للتكفير عن «خطيئة» الوزارة، وما أكثر خطاياها... لكن الحكومة وأتباعها من حملة الدفوف والطيران في مجلس الأمة وصحافة «نستقبل الهدايا» دون خجل، تكابر دون مبرر، وتفتح على نفسها أبواب المساءلة السياسية لرئيس الحكومة ذاته دون مقتضٍ..! ليت الأمور وقفت عند هذا الحد من المكابرة والعناد، فوزير الداخلية عين أخيراً شقيق النائب سعدون حماد مختاراً، وهذا النائب عضو في لجنة التحقيق في ملابسات قتل المواطن المطيري! فسرها لنا يا سعادة الوزير! اشرح لنا طال عمرك ماذا يحدث؟ عضو مجلس يحقق في قضية ضرب مفضٍ إلى الموت متهم فيها ضباط يتبعون وزارتك، وتقوم أنت بتعيين شقيق «محقق وقاضٍ» حكماً في منصب مختار... هل تفهم «الحياد» القانوني وحكم العدالة بهذا المعنى وإلّا فكيف تفسر مثل هذا التعيين! سأكرر مقولة د. عبدالله النفيسي، فلنغسل اليد من حكومتنا.