لست بحاجة لقول المزيد عن أهمية «فيسبوك» و»تويتر» وقوتهما، ولن آتي بجديد حين أقول إن الجميع سيدركون هذا خلال فترة وجيزة في عالمنا العربي، وسنرى الكثير منهم، من ساسة وناشطين وكتاب وفنانين وغيرهم من شتى المجالات، يندفعون إليهما للترويج لأفكارهم ونشاطاتهم.

Ad

هل ما زالت الشبكات الاجتماعية بحاجة لإثبات قوتها وقدرتها على التأثير؟ لا أعتقد. والدلائل والأمثلة على ذلك قد صارت لا حصر لها، ولعل ما هو قريب منها في الذاكرة ما حصل بالأمس القريب لأحدهم حين وقع في فخ عبارة باردة كتبها، لم يلق لها بالا، هوت به على يافوخه في العشرات من صفحات الفيسبوك، وظل يتردد صداها في فضاء تويتر لأيام وليال أظنها كانت طويلة جدا بالنسبة له!

هذه الوسائل التي يسمونها اليوم بالشبكات الاجتماعية، وبمقدار ما تمتلكه من قوة وقدرة على الوصول لجمهور واسع عريض، فإنها في ذات الوقت سلاح خطير، بل خطير جدا على مستخدميها أنفسهم، ولهذا فقد صرت شخصيا أحسب ألف حساب لكل عبارة أكتبها فيها، وأزنها مئة مرة على ميزان المقبول والمعقول، وأستعد نفسيا وذهنيا لما قد يفهم منها، وكيف سيكون ردي إن أنا سئلت عنها، فالأمر ليس سهلا أبدا، خصوصا عندما يكتب الشخص في هذه الشبكات باسمه الصريح، ناهيك عن أن يكون معروفا قليلا أو كثيرا، لأن كل ما سيكتبه أو يقوله سيظل ملتصقا به إلى الأبد في ظل هذه التقنيات التي صارت تظل محتفظة بما تحويه إلى الأبد، وتبقى تنشره للباحثين والمتصفحين، كلما حسب الإنسان أنهم قد يكونون نسوه!

بل إن الأمر قد غدا أكثر من ذلك، فمنذ أيام كنت أقرأ تقريرا أجنبيا عن أن كثيرا من الشركات الكبرى قد صارت تجري بحثها و»تحرياتها» على هذه الشبكات عمن يتقدمون لشغر الوظائف عندها، وأن كل ما يتفوه به هؤلاء الأشخاص ويكتبونه ويبثونه من صور هناك، قد صار يؤخذ بالحسبان في اتخاذ القرار إزاء تعيينهم، ولكم أن تتخيلوا كيف أن نكتة سمجة، أو تعليقا خائبا، أو صورة سيئة، ينشرها الواحد دون حساب على إحدى هذه الشبكات في لحظة سخيفة تافهة، قد يكتشف بعد حين أنها كانت السبب في حرمانه من الحصول على تلك الوظيفة أو ذلك المنصب الذي كان يسعى إليه!

ولا أستبعد أن تصبح هذه الشبكات في وقت من الأوقات كذلك، وسيلة للتحري عن المتقدمين للزواج، ولكم أن تتخيلوا أيضا، أن يتقدم أحدهم لخطبة إحداهن، وهو بكامل أناقته وهندامه، وبكامل بريق اسم عائلته ووظيفته، ليكتشف أهلها بكبسة وبعد ثوان قليلة من تصفح فيسبوك أو تويتر، أن الأخ الخاطب ما هو إلا مهرج أو ساقط، أو ربما مخبول!

لست بحاجة لقول المزيد عن أهمية هذه الشبكات وقوتها، ولن آتي بجديد حين أقول إن الجميع سيدركون هذا خلال فترة وجيزة في عالمنا العربي، وسنرى الكثير منهم، من ساسة وناشطين وكتاب وفنانين وغيرهم من شتى المجالات، يندفعون إليها للترويج لأفكارهم ونشاطاتهم، ولكن وكما قلت، على الجميع من هؤلاء، وغيرهم، أن ينتبهوا بأن هذه الشبكات هي عوالم حقيقية خطيرة وليست مجرد وسائل هامشية!