«المجلس»
كلما تنقلت بين القنوات الفضائية، خصوصاً في الفترة المسائية وهي الفرصة الوحيدة التي أحرص خلالها على متابعة ما يعرض في هذا الفضاء الواسع، أجد نفسي منبهراً وأنا أرى بعض الفضائيات التي أوجدت لنفسها قاعدة جماهيرية عريضة في وقت قصير، في الوقت الذي لايزال إعلامنا المحلي يترنح يميناً وشمالاً رغم ريادته في هذا المجال!وإذا أردنا الحديث عن الفضائيات المتميزة فمن الإنصاف القول إن "قناة الدوري والكأس" القطرية تتصدر قائمة تلك القنوات، على الأقل في ما يتعلق بالجانب الرياضي، لاسيما أنها تتعاطى مع الأحداث من خلال عقليات محترفة تعرف كيف تجذب أعداداً مضاعفة من الجماهير الرياضية، ولعل برنامج "المجلس" الذي يعرض مساء كل يوم تزامنا مع بطولة كأس الخليج لكرة القدم، خير دليل على أن القناة تعمل بمهنية عالية تؤهلها لمناطحة القنوات العالمية، فبرنامج "المجلس" استطاع استقطاب المشاهدين من جميع الجنسيات ومن الأعمار المختلفة من الجنسين، ليتفوق بذلك على كثير من البرامج المشابهة التي سعت جاهدة إلى الوصول إلى جزء بسيط من شعبية "المجلس" لكنها ومع كل تقديرنا فشلت في هذا المسعى، وبالتأكيد فإن لهذا التميز الكبير أسباباً واضحة أمام المشاهدين، منها أن ضيوف البرنامج نجوم لامعون في المجال الرياضي والإعلام الرياضي، كما أنهم غير مقيدي الحركة أو يتحدثون وفق مزاج وطلب مقدم البرنامج من الكلام، ولا دليل أبلغ من استخدامهم للهاتف النقال وقراءة المسجات على الهواء مباشرة، وهي خطوة تنم عن ذكاء القائمين على البرنامج الذين حرصوا أن تكون الجلسة غير تقليدية ولا تخضع لأي نوع من أنواع الرقابة سواء من المخرج أو المعد أو المذيع، وهنا تكتمل صورة نجاح أي برنامج احترافي سواء رياضي أو سياسي أو في أي مجال آخر.
السبب الأهم في تفوق "المجلس" على مقلّديه يعود إلى المذيع المراوغ والمتمكن خالد جاسم الذي يمثل طاقة هائلة من الإبداع والاحتراف والذكاء الإعلامي، فتارة يشعرك بأنه لا علاقة له بما يدور من نقاشات حادة واستفزازية، وتارة أخرى تجده يتدخل في اللحظة التي يريد كحكم المباراة ويشهر البطاقة الصفراء في وجه من يتمادى من الضيوف ليضع حداً لأي فوضى متوقعة، وأحيانا أخرى تعتقد أنه المحرك الرئيسي لكل خلاف يدب بين ضيفين، ما يثيرك كمشاهد وتتمنى المشاركة للرد على موقف هنا أو معلومة هناك، وهذه المواصفات المطلوبة في المذيع الناجح الذي يرغمك على متابعته باستمرار وتسهر معه حتى الفجر بشكل يومي وإن خالفته في الطرح، وهي صفات قلما نجدها في مذيعينا الذين تكفل بعضهم بحل جميع القضايا المصيرية، بينما اكتفى البعض الآخر بالبكاء والعويل بسبب أو من دون سبب!وعلى الرغم من الغمز واللمز والضرب تحت الحزام في بعض الفترات، فإن "المجلس" يستحق أن يكون بطل دورة الخليج بلا منازع، ليس لأنه برنامج ناجح فقط، بل أيضا لأنه جمع شمل آلاف المشاهدين في الخليج والدول العربية لمتابعة "ديوانية" يدور حديث ضيوفها على الطبيعة بعيداً عن أي تصنع يفسد روعة البرنامج، كما يجب أن يتم منح جائزة أفضل لاعب وهداف البطولة أيضا إلى المذيع خالد جاسم لتميزه في "اللعب" بأكثر من موقع، و"لتسجيله" مواقف تركت أثراً طيباً في نفوس المشاهدين.