يوم أمس الأول، وجهت اللجنة الدولية للحقوقيين، ومقرها جنيف، بياناً دعت فيه مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه ما يحدث في سورية من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان.

Ad

وأكدت اللجنة على لسان أمينها العام ويلدر تايلر أنه آن الأوان لمجلس الأمن أن يتخذ الإجراءات العاجلة والضرورية لحماية المواطنين السوريين من تعديات الأجهزة الأمنية، حيث قدرت اللجنة أن قرابة 330 شخصاً قد قتلوا منذ 15 مارس حين اندلعت التظاهرات السلمية.

وقد أكد تايلر أن «المجتمع الدولي فشل حتى الآن في حماية المدنيين السوريين من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان وعلى الأخص الحق في الحياة»، وطالب بالإفراج عن جميع المعتقلين وأن يقوم مجلس الأمن بتتبع الذين قاموا بتلك الانتهاكات ومعاقبتهم لتحقيق العدالة للضحايا.

وعلى مستوى آخر، طالبت 19 منظمة حقوقية عربية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة برفض عضوية سورية في المجلس الأممي الذي يتخذ من جنيف مقراً له، ومن المقرر أن تجرى الانتخابات في مايو القادم. وقد استنكرت المنظمات دعم الجامعة العربية لطلب سورية الترشح لمقعد في المجلس.

وأشارت المنظمات إلى ازدواجية المعايير، إذ إن الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت قد أسقطت عضوية ليبيا من المجلس بالإجماع في الأول من مارس لأن عضوية المجلس تتعارض مع التزامها بحقوق الإنسان، فكيف يمكن لسورية أن تتبوأ مقعدها في المجلس بعد شهرين فقط من إسقاط عضوية ليبيا.

وقد طالبت المنظمات الحكومة السورية بسحب طلب ترشيحها فإن رفضت فعلى المجلس رفض عضويتها، وإلا فإن المجلس سيتحول إلى مهزلة، وبالذات في الظروف الجارية الآن في سورية.

من الواضح أنه لم تعد هناك خيارات كثيرة أمام النظام السوري، ولم تعد هناك سيناريوهات متعددة، فإما المضي قدماً في القمع وسحق الحراك الشعبي، وهي خطوة قد تكلف كثيراً، وقد تحيل المجتمع الدولي الخجول في التعامل مع سورية حتى الآن إلى أن يصبح أكثر حدة، إزاء وتيرة ازدياد القمع. أو أن يرضخ النظام ويقدم تنازلات حقيقية ومن ثم يتحول إلى نظام آخر، وهو أمر مستبعد، حيث قد يؤدي إلى انقلاب داخلي يطيح بالرئيس بشار الأسد، أو يحاول التعامل مع الحراك الشعبي بسياسة النفس الطويل مع تقليل القمع ما سينتج عنه تصاعد في الحراك الشعبي، الأمر الذي سينتهي إلى النتيجة المعروفة وهي إسقاط النظام.

من المؤكد إذاً أن دماء الضحايا التي سالت طلبا للحرية لم تكن دماء جيء بها في قنان لتمثيل الموت، أو أن الذين قتلوا كانوا شخصيات وهمية، بل إن أصداء قصيدة أحمد شوقي باتت تتردد في قضاءات الشام، ولم يعد مهما أنها قيلت في المحتل الفرنسي حين أبدع شوقي قائلا:

سلامٌ من صبا بردى أرَقُّ

ودمع لا يكفكف يا دمشقُ

وبي مما رمتك به الليالي

جراحات لها في القلب عمقُ

وللأوطان في دم كل حر

يد سلفت ودين مستحق

ففي القتلى لأجيال حياة

وفي الأسرى فدى لهمُ وعتق

وللحرية الحمراء باب

بكل يد مضرجة يُدَقُّ

وهكذا، فإن ما بدأ في درعا منذ أكثر من شهر بشكل مفاجئ، وتم وصفه بأنه كان لعب أطفال يستحقون التأديب، تحول إلى مأزق حاد، وسالت فيه دماء الأبرياء، ضاقت فيه الخيارات والبدائل، وما من بديل ناجح في هذا الوقت، وحقناً للدماء، إلا منح الناس حريتهم، وإعادة كرامتهم المسلوبة عبر السنين.