من كان يعيب على الديمقراطية الكويتية وينتقدها بالفوضى في وحدة الطرح وجد نفسه متخلفا كثيرا عن مماشاة قطار التغيير؛ قافزا على حقيقة تاريخية كانت السبب الرئيس بعد الله سبحانه وتعالى في تحرير الكويت من الغزو العراقي، حيث التفّ الشعب حول الشرعية، فلم يكن وقوف أبناء الكويت حول المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح إلا إخلاصا للعهد الذي أذهل العالم. ولد دستور دولة الكويت في عهد المغفور له صاحب السمو الشيخ عبدالله السالم الصباح، أمير دولة الكويت في تاريخ 8 نوفمبر 1962م، ونشر في جريدة الدولة الرسمية- الكويت- في 12 نوفمبر 1962م ليكون حصنا منيعاً لدولة الكويت، إذ حماها وسيحميها بإذن الله مما يعصف بالمنطقة من تغيرات جذرية قد تطول معظم العواصم في الشرق الأوسط؛ لأنه وجد ليحمي كل مكونات الوطن وفقاً للمادة السابعة «العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين».

Ad

من كان يعيب على الديمقراطية الكويتية وينتقدها بالفوضى في وحدة الطرح وجد نفسه متخلفا كثيرا عن مماشاة قطار التغيير؛ قافزا على حقيقة تاريخية كانت السبب الرئيس بعد الله سبحانه وتعالى في تحرير الكويت من الغزو العراقي، حيث التفّ الشعب حول الشرعية، فلم يكن وقوف أبناء الكويت حول المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ جابر الأحمد الصباح- كما كان بكاء سموه في هيئة الأمم المتحدة- إلا إخلاصا للعهد وحبا صادقا متبادلا بين الحاكم والمحكوم أذهل العالم.

اليوم تبقى الكويت محصنة من هذه التغييرات، وسيتكرر مشهد الانتصار للدستور، فأبناء الكويت باقون على العهد لا يحنثون به، وسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح- حفظه الله ورعاه- وفيٌّ لذات العهد... هذه التعويذة فكها لا يتطلب أجهزة قمع وأمن مركزي، بل يتطلب توافقا على دستور يعمل به وفقا لنصوصه، والكويتيون عرفوا كيف يكونون بحارة مهرة يقودهم نواخذة من آل الصباح حريصون على سلامة السفينة، وهذه المرة النوخذة هو سمو الشيخ صباح- حفظه الله- ليسير بها إلى بر الأمان.

نعم قد تكون الكويت تخلفت عن ركب التنمية العمرانية والصناعية والتجارية لكنها نجحت في بناء أسس الحرية؛ لتجني ثمار وحدة الصف، فمهما علا الصوت والخلاف فإنهما يظلان ضمن إطار الخلاف في البيت الواحد، فشعارنا نختلف لنتفق وليس نتخلف لنتفرق، وهذا ما جاء في قوله تعالى: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ». (آل عمران- الآية 103) فحمدا لله على النعم التي لا تحصى.

الحب صفة فطرية تنمو في أجواء الحرية، وها هم شباب وشابات الكويت وأطفالها يرددون الأناشيد الوطنية ناثرين مليون وردة في «دار سلوى» تعبيرا صادقا عن محبتهم لوطنهم ولأميرهم بعفوية صادقة، كما عبر عنها سمو الأمير في كلمته التي ألقها بعد الانتهاء من احتفالات دولة الكويت.

موجة التغيير في الوطن العربي علينا أن نأخذ العبر منها برسم خارطة طريق تنهض بالكويت نحو مستقل يضمن العيش الكريم للأجيال القادمة، فما نزرعه اليوم سيحصده الأبناء والأحفاد ثمراً جنياً، فالإصلاح عملية مستمرة يشارك فيها الجميع ولا تختزل بأفراد، فالكويت لكل المواطنين.

ودمتم سالمين.