أسبوع «بالكثير» هو أقصى مدة متصلة أستطيع تحمّلها في الكتابة في الشأن السياسي، يبدأ بعدها قلمي يحكّ رأسه متبرّماً متململاً، فأضطر إلى الهمس في أذنه «غيّر هدومك بنطلع نتصرمح».

Ad

وفي الكويت، ستجد «قلم الدستور» أستاذنا العظيم احمد الديين لا يكح ولا يمح من الكتابة في السياسة الجادة، ومثله «شغيغي» الزميل سعود العصفور، الذي يحمل فصيلة الدم السياسي نفسها. ولو جلست الممثلة التي تملأ أنوثتها الجهات الأربع وتفيض منها كميات لا بأس بها «غادة عبدالرازق» بين الديين والعصفور لتحدث الأول معها عن المذكرة التفسيرية ولتحدث معها الثاني عن المكتسبات الشعبية، أما لو نهضت غادة وجلست بجانبي فسأطفئ لأجلها الأنوار وأنثر الشموع وأدير آلة التسجيل على أغنية عبدالحليم «فاتت جنبنا» قبل أن أطلب منها أن تحدثني عن «اللائحة الداخلية» بتفصيل وتسبيل.

والأوضاع السياسية في الكويت لا تحتاج إلى أن تلصق وجهك على فاترينتها وتُحيطه بكفّيك كي تتمكن من رؤيتها بوضوح، فكل شيء على المكشوف. والناس تتحدث عن أن النائب القلاف قال في جلسة الاستجواب «السرية» بعد أن شاهد واستمع إلى عرض كلمة د. عبيد الوسمي: «الله أكبر، كل هذا قاله»، أي أن القلاف كان مؤيداً لضرب الوسمي وسحله قبل أن يعرف تحديداً ما قاله الوسمي، وهو ما يُسمّى في لعبة «البلوت» وقوانينها «صن مغطّى»، أي إعلان الموافقة على «المغامرة الكبرى» قبل أن تنكشف أوراق اللعب، بمعنى «شراء السمك بمبلغ خيالي وهو مايزال في الماء»... سحقاً للتنمية.

والنائب الدويسان يقول عن المستجوبين ومرافعاتهم: «لم يأتوا بجديد، كل ما قالوه في الاستجواب هو تكرار لما قالوه في ندواتهم»، وأظنه كان يتوقع أن «يغيّروا» كلامهم و»يدبلجوا أفلامهم»! يقول ذلك وهو مثلي يعلم أن جلسة الاستجواب تلك، تحديداً، ليست إلا خطوة إجرائية «روتينية» لا يمكن تجاوزها، فالأمور «مصلّعة»، والحجج معروفة مسبقاً.

أما بعض من يردد الكليشة المعروفة «الحكم بعد المداولة وبعد الاستماع إلى حجج الطرفين» – أكرر، في هذه الجلسة تحديداً – فهو يراعي «الإعلام» لا أكثر، ويريد أن يرتدي قبعة «النبلاء». والكليشات فكرة استخدمها الفنانون والفنانات فتبعهم السياسيون، وأشهر الكليشات هو ما تردده بعض الممثلات من اللواتي اختلط عندهن الليل بالنهار: «الفن سرق أمومتي»، أو «تزوجتُ الفن»، وكليشات أخرى متفرقة حفظناها عن ظهر قلب، نحن عشاق قراءة المجلات الفنية في صالون الحلاقة «عيبي أنني طيبة جداً وأثق في كل الناس»، «صحيح أنا عصبية بس قلبي أبيض»... هي كليشات لزوم الإعلام. بل حتى نحن أبناء الصحافة لنا كليشاتنا التي نرددها ولا نتوقف عند معانيها كثيراً، تعلمناها من «آبائنا الأولين» في الصحافة، مثل «الجريدة الغراء»، ولا أدري لماذا يجب أن تتلازم كلمتي «جريدة» و»غرّاء»! أو جملة «الحمل الوديع»، على اعتبار أن هناك «حملاً مفترساً» بمخالب وأنياب تسيل منها الدماء.