مجلس التعاون... إلى أين؟!
القرارات المفاجئة وغير المدروسة التي اتخذها «مجلس التعاون» بضم دول بعيدة كل البعد عن طبيعة وخصوصية منطقة الخليج من شأنها إضاعة حلم التكامل والاندماج بين البلدان الخليجية، خصوصاً أن الأعضاء الجدد قد مروا بتجارب فشلت وبشكل ذريع في محيطها الإقليمي، ومع دول متشابهة معها في أمور أكثر، ولم تصمد بضعة أشهر.سؤال صريح وكبير صدم عموم أبناء الخليج من سلطنة عمان إلى دولة الكويت، وعلى امتداد الشريط الساحلي لدول مجلس التعاون، وهو: إلى أين تقودنا القرارات المفاجئة والسريعة بضم الأردن والمغرب إلى المنظومة الخليجية؟
وهل استند في ذلك إلى دراسات أو رؤى أو استراتيجيات؟ وهل بحثت الجدوى منها؟ وهل تم التفكير في الهيكلية التنظيمية والجغرافيا السياسية والإطار القانوني لمثل هذا الاقتراح؟ وما المتطلبات والشروط اللازمة لإعادة صياغة هذا المكون الجديد العابر للصحارى والقارات؟!فمسيرة مجلس التعاون الخليجي منذ انطلاقتها عام 1981 لم تكن أصلاً ترتقي إلى مستوى طموحات شعوب المنطقة، والحراك السلحفاتي أصلاً أهدر فرصاً هائلة لتحقيق أي إنجازات تكاملية تذكر، ومازالت الخلافات الجذرية بين دول الخليج ذاتها تمثل العائق الرئيسي أمام نجاحات حقيقية، خصوصاً في القطاعين الاقتصادي والصناعي اللذين نملك كل المقومات الكفيلة بترجمتهما باقتدار.ومع ذلك، فإن القواسم الكثيرة والتشابه الكبير في التركيبة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وإلى حد ما السياسة، بين دول الخليج وشعوبها تبقى بصيص الأمل للرهان على المستقبل دائماً، لعل وعسى يتحقق هذا الحلم يوماً ما. لكن القرارات المفاجئة وغير المدروسة بضم دول بعيدة كل البعد عن طبيعة وخصوصية منطقة الخليج من شأنها إضاعة حتى هذا الحلم، خصوصاً أن الأعضاء الجدد قد مروا بتجارب فشلت وبشكل ذريع في محيطها الإقليمي ومع دول متشابهة معها في أمور أكثر، ولم تصمد إلى شهور عدة، سواء في نموذج مجلس التعاون العربي الذي شكل أصلا لمواجهة الغضب الشعبي في عقر دارها.قد تكون المخاوف الأمنية التي تستشعرها حكومات اليوم هي السبب وراء هذا القفزة الغريبة نحو المجهول، والخوف كل الخوف أن الغرض من استدعاء الأردن والمغرب فقط هو الاستعانة بقواتها الأمنية للتعامل مع الشأن الداخلي، وإذا كانت هذه فلسفة التوسع الخليجي فهي كارثة، ولذلك فإن الانفتاح السياسي، وتعزيز الديمقراطية، وإطلاق الحريات، وإشراك الشعوب في عملية الإصلاح، والمشاركة باتخاذ القرار هي صمام الأمان الأول والأخير لدول الخليج في الاستقرار والازدهار والتكامل، وليس التلويح بعصا الأمن خصوصاً من الخارج.أما الجانب الأمني فله مساره المحدد في إطار ميثاق الدفاع المشترك إضافة إلى الاتفاقيات الأمنية مع الدول الكبرى التي وقعتها دول الخليج، وبتكلفة مالية باهظة، ولا يمنع أن تعزز منظومة الخليجي علاقاتها مع الأردن والمغرب وعموم الدول العربية والصديقة باتفاقيات ثنائية وجماعية دون الحاجة إلى فتح بوابات المجهول على مصراعيها! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة