هي أول إعلامية في الوطن العربي تظهر على شاشة التلفزيون بالحجاب وأول امرأة في التاريخ الإسلامي تفسّر القرآن الكريم، إنها الإعلامية والداعية الإسلامية كريمان حمزة. حول رؤيتها لقضايا المرأة المعاصرة كان الحوار التالي.

Ad

ما أسباب اتجاهكِ إلى تفسير القرآن الكريم؟

لم يخطر في بالي أبداً أن أفسّر القرآن الكريم طوال عملي كداعية إعلامية ، لكن خلال أكثر من 40 عاماً من العمل في البرامج الدينية كان عليّ الاستشهاد ببعض الآيات وبالتالي تفسيرها، وبطبيعة الحال كنت ألجأ إلى تفاسير كثيرة وقد وفّقني الله في أن أفسّر الأجزاء الثلاثة الأخيرة في القرآن «عم، وتبارك، وقد سمع» للأطفال فذهبت إلى الناشر المعروف عادل المعلم الذي طلب مني تفسير المصحف كاملاً لتحقيق حلم حياتي بتوصيل القرآن بصورة مبسّطة وسهلة لكل الشباب والفتيات والأطفال المسلمين، ثم بدأت العمل مستعينة بعدد من التفاسير.

كم استغرق هذا التفسير من وقت؟

سبع سنوات متواصلة من الجهد. خرج التفسير في ثلاثة مجلدات مؤلفة من 1400 صفحة من القطع الكبير.

كثر أخيراً الحديث عن قضية حقوق المرأة، فما حقيقة هذه الدعاوى وهل لها أساس من الصحة؟

لكل شيء أساس من الصحة، لكنّ الإسلام كرّم المرأة من البداية أما في أوروبا وأميركا والدول غير الإسلامية فهي مقهورة.

وكيف كرّم الإسلام المرأة؟

كرّمها في مراحل عمرها كافة، وليدة فمنع وأدها أو حتى سوء استقبالها، وطفلة فساوى بينها وبين أخيها في المعاملة إذ قال (صلى الله عليه وسلم): {من كان له أنثى فلم يهنها ولم يأدها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة». كذلك، كرّمها حين أعطاها حق التعلم، فطلب العلم فريضة على كل مسلم، والمقصود الذكر والأنثى.

هذا عنها كفتاة، لكن كيف كرّمها عند الزواج؟

حين أعطاها حق اختيار الزوج، إذ قال عليه الصلاة والسلام: «لا تزوج البكر حتى تستأذن ولا تزوج القيم (الثيب) حتى تستأمر»، وحق الاحتفال بزفافها، قال (صلى الله عليه وسلم): «أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف وأولموا عليه ولو بشاة»، وحق الصداق، مبلغ من المال يُعطى لها وهو مهر يدفعه الزوج تقديراً وحباً لها ورغبة فيها ولها مطلق الحرية أن تفعل فيه ما تشاء. كذلك، أوجب الإسلام على الرجل أن يوفر المسكن والمأكل والمشرب والملبس والخادمة، «لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ» الطلاق 7. كرَّمها غاضبة على زوجها حينما أعطاها فرصاً ثلاثاً تراجع فيها نفسها وهي الثلاث طلقات وأشهر العدة بين كل طلقة وهي فرصة لتراجع نفسها وتصلح من شأنها وتسترد زوجها قبل أن يقع الطلاق.

لكن ثمة من يدعي أن الإسلام يكبّل حرية المرأة؟

على العكس. عمل الإسلام على فك القيود التي كانت تحدّ من حرية المرأة، إذ أعطاها الحق في ممارسة العمل السياسي وتولّي المهام الكبرى وفي أن تظل مع الزوج طالما هناك مودة ورحمة فإذا انتفيا من حقّها أن تخرج أو يخرج الزوج. بالتالي أعطى الإسلام المرأة كامل حرّيتها وكرّمها في جميع الأمور ولم يحمّلها من العمل ما لا تطيق لأنه جعل القوامة على الزوج. كذلك، كرّمها حين حافظ على جمالها ولم يبتذله ولم يسمح لأحد أن يأكل منه إلا بالحلال، هذه الأمور كلها تجعل المرأة في الإسلام أفضل حالاً من نظيرتها في أوروبا وبلاد الغرب عموماً.

كيف ترين علاقة المرأة بالرجل راهناً؟

يتجاهل الرجل راهناً ما منحه الإسلام للمرأة ويتعامل معها بشكل جاف، إذ لا يسمعها كلمة جميلة حتى ولو كذباً ليرضيها، فقد أباح الاسلام الكذب في ثلاث حالات، في الحرب وفي حالة الخصام بين أخوين ليصلح بينهما والكذب على الزوجة لترضى، بالتالي يُفترض على الرجل أن يُشعر زوجته بأنها جميلة، لكن ما يحدث اليوم هو العكس بحيث ينتقي العيوب التي في جسمها أو شكلها ويعايرها بها.

هل ثمة أمور تنقص المرأة المسلمة كي تشعر بكيانها؟

طبعاً، تنقصها أمور كثيرة، لكن على رغم هذا يبقى ما تعانيه أقل بكثير من ذلك الذي تواجهه المرأة الغربية التي تتعرض لأشكال عدة من الإهانة وللضرب والقسوة ولفظائع كثيرة نقرأ عنها في الصحف الغربية، فيما لا تزال لدى الرجل المسلم رحمة في قلبه فعلى الأقل يخاف ربّه في معاملته مع زوجته.

ما علاج ذلك من وجهة نظرك؟

نرجو الله سبحانه وتعالى أن تدرَّس العلاقة بين الزوج والزوجة في المدارس بداية من المرحلة الإعدادية أو المتوسطة وحتى الجامعة، في هذه الحالة قد تختفي الظاهرة القاتلة التي نسمع عنها اليوم وهي كثرة الطلاق والخلع.

كذلك، علينا أن نعلّم الفتاة منذ الصغر هذه التعاليم كي تعرف كيف تتعامل مع زوجها في المستقبل بما يهيئ لهما حياة سعيدة حتى آخر العمر، فالأمر ليس جنساً فحسب بل اهتمام بتفاصيل حياة كلّ منهما فالمرأة رفيقة درب الرجل والمعين له في حياته وهو كذلك بالنسبة إليها.

في هذه الأيام، نجد نساءً يرفض حتى تحضير الطعام لأزواجهن ورجالاً لا يهتمون بالوقوف الى جانب زوجاتهم في أمور تتعلق بأهلهنّ.

وما الذي تعاني منه المرأة المسلمة اليوم في رأيكِ؟

أرى أن المعاناة نفسية في المقام الأول، فثمة أزمة أخلاق وتربية ومعاملة بين الرجل والمرأة، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): «ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم»، وفي خطبة الوداع يقول: «استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عندكم عوان أي أسيرات إنما أخذتمهن بأمانة الله واستحللتمهن بكلمة الله فاستوصوا بالنساء خيراً». فأين تنفيذ هذه الوصية؟ يجب المعاملة بالمعروف والعشرة بالمعروف. المرأة راهناً محرومة من كلمة الزوج الحلوة ومن الشكر ومن العرفان بفضلها، مثلاً حين يدخل الزوج البيت ويجد أن زوجته أعدّت له الطعام واهتمت بالنظافة وخلافه لا يقول لها شكراً أو كلمة حلوة تشعرها بقيمتها مثل «البيت من غيرك ولا حاجة» أو «إنت نور البيت».

يحيلنا كلامك إلى التساؤل عن واجبات الزوجة!

يؤسفني عدم وجود مناهج تعليمية تتناول الحياة الزوجية في عالمنا العربي والإسلامي، خصوصاً أن الفتيات الصغيرات يشاهدن ذلك على شاشات التلفزيون والإنترنت وفي أعمال فنية مختلفة، لكن المعاملة نفسها غير موجودة لا إعلاميا ولا تعليمياً بحيث تعرف كل فتاة ما هي واجبات الزوجة تجاه زوجها وأسرتها والعكس وكيف تكون للحياة الزوجية قدسية. الغريب أن كثراً يخفون أو لا يعترفون بالحديث الشريف: «لو كنت آمراً أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها». وأتذكر أنني حين ذكرت هذا الحديث في أحد برامجي التلفزيونية صدر قرار بتحويلي الى الشؤون القانونية للتحقيق معي وقيل لي: «يعني عاوزة الست تسجد عند زوجها ولا تسجد لله»!

هل ثمة أحاديث أخرى تناولت علاقة الرجل بالمرأة؟

ثمة حديث شريف يقول: «اطلعت على الجنة فوجدت أكثر أهلها الفقراء واطلعت على النار فوجدت أكثر أهلها النساء»، ذلك لأنهن يكفرن العشير فلو أحسنتَ إلى المرأة الدهر كله وفي يوم من الأيام تضايقت منك تقول لك: «والله ما رأيت منك خيراً أبداً»، وحينما تقسم بالله تصبح من أهل النار. فكم من زوجة تنسى فضل زوجها والعكس صحيح.

هل القوانين الوضعية تصبّ في صالح المرأة؟

شرعت الدولة قوانين تصب في صالح المرأة وهي أصلاً مستمدة من الإسلام مثل قانون الخلع، لكن قبل أن منحها هذه الحرية لا بد من تعريفها بواجبات الزواج والزوج وتعليمها الأمور التي تعينه على أداء عمله والحرص على عصمته من الرذائل، بأن تتزين له بأبهى زينة، لكن نجد هذه الأيام أن المرأة تتزين للناس وليس لزوجها. إذاً، كان يجب الوعي بتماسك الحياة الزوجية بدلاً من إعطاء المرأة حق الخلع، لذا نجد عدد قضايا الخلع في تزايد مستمرّ.

ماذا عن عمل المرأة في القضاء؟

لا أرحّب به، ذلك لثقل المسؤولية أمام الله. أن تحكم المرأة بالعدل في جميع الأوضاع النفسية والصحية التي تمرّ بها في حياتها أمر في غاية الصعوبة وتكليف للنفس ما لا تطيق، حتى الخروج الى القتال الرجال أولى به وإن دعت الضرورة للمرأة فلا مانع.

لكن ثمة صحابيات خرجن للقتال مع الرسول؟

كانت ثمة نماذج فردية وللضرورة فحسب وهي أمور مختلف عليها ومن الأفضل ألا نقف عندها، إذ على المرأة أولاً الاهتمام بزوجها وأسرتها.

إذاً، ما المهن التي ترين أنها مناسبة للمرأة؟

تصلح المرأة لكل المهن لكني أراها طبيبة أو مدرِّسة أو إعلامية، وفي الأعمال التي لا تؤثر على أنوثتها وأعصابها ولا تقضي على وظيفتها الأساسية وهي إسعاد زوجها وأولادها.

ما رأيك في تولّي المرأة الحكم؟

لا يمنع الإسلام ذلك، إذ كانت بلقيس ملكة لسبأ، لكني شخصياً لا أرحب بذلك فلماذا لا يكون الحاكم رجلاً وما الضرر في ذلك، فللمرأة رسالة يعجز الرجل عن القيام بها وهي الاهتمام بالأسرة والخروج بها إلى بر الأمان.

ماذا إذا خيِّرت المرأة بين الزوج والعمل؟

طبعاً تختار الزوج والبيت فهذا الأكثر ثواباً لدى الله والرسالة التي من أجلها خُلقت وبذلك تدخل الجنة، وبإمكانها أن تحصل على ماجستير أو دكتوراه أو تكتب مقالات أو تحضِّر دروس... وهي في منزلها، فالتماسك الأسري هو الذي يصنع أبناءً ناجحين وليس ما نراه من انحدار أخلاقي وعلمي بسبب إهمال المرأة رسالتها كزوجة وأم.

ما رأيك في تصدّي المرأة لعقد القران (المأذونة) والدعوة والإمامة في الصلاة؟

قد تصبح المرأة مأذونة لأنه عمل غير مجهد لها، أما تصدّيها للإفتاء فأنا أفضّل أن يكون المفتي رجلاً، لكن ثمة أمور نسائية حساسة يفضَّل أن تخصَّص لها امرأة للإجابة عنها إنما تحت إشراف مفتٍ رجل وليس بعيداً عنه، يقول النبي: «خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء» أي السيدة عائشة رضي الله عنها. أما إمامة المرأة فجائزة للسيدات فحسب، إذ كانت الحاجة زينب الغزالي رحمها الله تؤمّنا في الصلاة لأننا كنا نساءً فحسب، وأنا أقوم بذلك راهنا،ً لكن إمامة المرأة للرجال فلم أسمع بها مطلقاً وحينما يكون حفيدي موجوداً أجعله هو الإمام.

معروف أنك داعية فهل تتصدّين للإفتاء؟

أنا داعية ولست مفتية، ذلك لأن الإفتاء يتطلب دراسة الفقه والشريعة في الجامعة والحصول على شهادة به.

ثمة من يقول: «لماذا الإمام رجل ولماذا الحاكم رجل؟}.

الحمل في هذه الأمور ثقيل جداً والرجل أشد تحملاً له، فقد خلق الله آدم أولاً ومن ضلعه خلق حواء وقد خُلقت من ضلع أعوج، وأعوج ما في الضلع أعلاه فإذا أردت أن تقومه كسرته وكسرها طلاقها فعاشروهن على عوج، ومن يفضّل أن يكون قائد الحروب رجلاً حتى يحتمل وهو تكريم للمرأة: «رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ» البقرة 286.

هل هذا هو المقصود بالقوامة؟

نعم، لأن الرجل يستطيع الضرب في الأرض والكدح في الحياة بشكل متواصل عكس المرأة التي تصاب بالوهن سريعاً، ذلك لأنها قامت بأعباء لم يقم بها الرجل مثل الحمل وتحمل أعباء المنزل وهي الموكولة بامتصاص غضب الزوج والأولاد وإرضاء الجميع، لذلك كانت التوصية بالأم ثلاث مرات والأب مرة واحدة وأن الجنة تحت أقدام الأمهات وليس الأب.

كيف تنظرين الى ظاهرة المرأة الداعية؟

ليست جديدة فقد كانت الراحلة زينب الغزالي تقوم بهذا الدور، وهو دور مهم جداً أقوم به راهناً نظراً الى أهميته في المجتمع ومطلوب مساندته، فأنا لم أقصد التصدّي للدعوة ولكن إيصال المعلومات الإسلامية للأطفال، مع ذلك فوجئت بحرب ضروس ضدي كوني سلكت مجال الدعوة في برامجي وحوربت طوال 40 عاماً من دون سبب واضح. أجد راهناً نساء كثيرات اتجهن الى هذا المجال وهو شيء محمود وجميل ومطلوب، والمفترض أن تحتضن الدولة الداعيات وتوجِّههنّ بشكل سليم إذ من شأنهن إصلاح المجتمع.

اتّجه بعض الفنانات المعتزلات الى العمل في مجال الدعوة، ما رأيك؟

اتجاه كلّنا نحترمه ونشجّعه وكاميليا العربي مثال على ذلك. أظنّ أن الممثلة حنان ترك، إذا توافر لها التدريب والاهتمام من وزارة الأوقاف، سيكون لها دور كبير في مجال الدعوة لامتلاكها مقومات الداعية الناجحة.

النقاب قضية أثارت أخيراً جدلاً واسعاً، ما تعليقك؟

النقاب مجرد عادة بدوية لا أساس لها في الدين، فطبيعة البلدان الخليجية شديدة الحرارة وتَعرَّض الوجه للشمس يضرّه لذلك وضعت المرأة النقاب ووضع الرجل اللثام ليحمي وجهه من حرارة الشمس، وحينما أسافر إلى هناك أضع نقاباً خوفاً من لهيب الشمس، والإسلام اعتبر جسد المرأة عورة ما عدا الوجه والكفين.

هل أنت مع تعدّد الزوجات للقضاء على العنوسة؟

الأصل في الإسلام هو التعدّد ولا نجد امرأة ترفض ذلك إلا في مصر حيث يغلب على النساء حب الاستحواذ لذا عليهن تركه ليعمّ الخير على أختهنّ المسلمة وليعصم الرجل نفسه من الزلل.

كريمان حمزة في سطور:

كريمان عبداللطيف حمزة، والدها د. عبداللطيف حمزة مؤسس كلية الإعلام في مصر. تخرجت في كلية الآداب- جامعة القاهرة، قسم صحافة، أسست مجلة «الثقافة الجديدة» ‏ بعد تخرّجها ثم توجهت الى العمل في التلفزيون عبر تقديم البرامج الدينية للطفل منذ عام 1970، صاحبة أول برنامج ديني على الشاشة الصغيرة وأول محجبة تقدّم البرامج الدينية في التلفزيون. لها مؤلفات كثيرة منها موسوعة «سيد الخلق»، المؤلفة من خمسة أجزاء وهي تعريف مبسط عن الرسول صلى الله عليه وسلم للأطفال، «رحلتي من السفور للحجاب»، «رفقا بالقوارير»، «تزوجت مجرما»، موسوعة «أناقة وحشمة»، أربعة أجزاء، «خمسون حلاً لخمسين مشكلة»، «الإسلام والطفل»، «علي بن أبي طالب الفارس الفقيه العابد»، «أبو ذر الغفاري حبيب الفقراء»، وأخيراً تفسير القرآن الكريم للشبيبة والشابات في ثلاثة مجلدات.

اختيرت ضمن أهم ألف شخصية نسائية في العالم الإسلامي لمطبوعاتها الإسلامية الخاصة بالشباب وبرامج الأطفال. وقد شغلت منصب مدير عام البرامج الدينية في التلفزيون المصري على مدار سنوات طوال.