أحداث البحرين ألقت بظلالها على الكويت بكل معنى الكلمة؛ لتعيد إلى الواجهة احتقانا طائفيا بغيضا لطالماعانينا مرارته مرات ومرات كادت تعصف باللحمة الوطنية لولا لطف الله وحكمة سمو الأمير والعقلاء من أبناء الكويت المخلصين، وكأن للفتنة فتية يوقظونها كلما أطفأها الله.

Ad

التعاطف مع ما يدور في البحرين العزيزة هو نتيجة حتمية لما يكنه الشعب الكويتي من محبة لأهل مملكة البحرين وحكامها؛ لذا من الطبيعي أن تجد هذا التباين بردود الأفعال، فهناك من ينظر إلى أحقية الوقوف مع البحرين على قرار حق الشعوب في تقرير المصير، وكذا هناك من يؤيد الحكومة البحرينية والأسرة الحاكمة كرد جميل لوقفة البحرين المشرفة إبان احتلال دولة الكويت، وفي نظري أن هذا مباح للطرفين، لكن أن يكون الموقف على أساس طائفي فهو موقف لن يحل المشكلة، ولن يكون في مصلحة الحل السلمي الذي نتمنى أن يرى النور في القريب العاجل، سائلين الله القدير أن يحفظهم وهو أرحم الراحمين.

جراح البحرين تحتاج إلى من يداويها بالكلمة الحسنة وإصلاح ذات البين عملاً بقوله تعالى «وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا»، لكن ما نراه اليوم من البعض ممن يتفنن في صب الزيت على النار غير مدرك حجم الضرر الذي سيصيب شعب البحرين؛ ذاك الشعب المتحضر المتعايش على السلم منذ القدم، بحيث عرف عن البحرين احترامها لحرية الأديان، ناهيك عن وحدة وتقارب وتسامح أهلها المسلمين شيعة وسنة.

تداعيات البحرين ذهبت بالشارع الكويتي بعيدا، حيث أعلن استجواب لسمو رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد سيقدمه كل من النائب محمد هايف والنائب الدكتور وليد الطبطبائي، وفي محور يبدو غريبا وهو «الإضرار بعلاقات الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي في شأن عدم إرسال قوات كويتية إلى البحرين لمشاركة قوات درع الجزيرة»، والذي أسقطه التكتل الشعبي بكل موضوعية من خلال رفضه ضم هذا المحور ضمن استجوابه لسمو الرئيس، مع علمه المسبق بأهمية جذب أكبر عدد من الأصوات، لكنه موقف مبدئي يبعد الكويت عن فتنة يقودها البعض.

على فرض أن كتلة التنمية والإصلاح أصرت على تقديم استجوابها، وأن الرئيس صعد المنصة، وعلى فرض أن نوابنا والشارع الكويتي نظروا بموضوعية إلى مادة المستجوبين؛ ليصعد بعدها رئيس الحكومة؛ ليتلو عليهم الآية الكريمة «وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ». ثم شرح الآية الكريمة ومساعي دولة الكويت، وعلى رأسها مبادرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد- حفظه الله ورعاه- في لم شمل أهل البحرين مع قيادتهم، أم أنهم سيصرون على العناد، ثم لنفرض أيضا أن سمو الرئيس سأل المستجوبين عن الكيفية التي تحقق منها النائبان، ومن دار في فلكهما عن الآلية التي اعتمدوها في الصلح، وعن كلمة البغي؟ يا ترى ماذا ستكون إجابتهم؟

نصيحة لكل من يؤجج نار الحرب أن يرجع إلى تفسير ابن كثير ومن موقع الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين للآية الكريمة ثم ليحكم عقله عن كيفية تحقيق أمر الله سبحانه وتعالى بقتال طائفتين من المؤمنين، عملا بقوله تعالى: «أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ» الحج «46».

ودمتم سالمين.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة