ثمن الإسلام السياسي
![عبدالمحسن جمعة](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1583383269387080400/1583383291000/1280x960.jpg)
ويقيناً أنه لو كانت الحياة السياسية عندنا مدنية، كما كانت بداياتها، لكان الحراك الطائفي معزولاً ومنبوذاً ولا يمكن تسويقه وخلق المناصرين له، ولكن بدلاً من ذلك انتعشت دعوات تسييس الدين، وامتدت بسبب استجابة الناس وتحفيز دول المنطقة القديم له، ونتائجه الوخيمة تتوالى باصطفافات من السياسيين على أساسه، ولو راجعنا نتائج وإنجازات الخطاب الإسلامي السياسي على مدى الـ35 سنة الماضية لما وجدنا سوى معارك عبثية لتحقيق رموز دينية للمجتمع، مثل منع الاختلاط في التعليم العالي وإطلاق لحى العسكريين وضوابط الحفلات ومواجهات السيد الفالي وياسر الحبيب وكلام فضفاض وملتبس عن التنمية بفكر الاقتصاد الإسلامي للإخوان والسلف ورؤى مذهب الاثنى عشرية المختلفة.ورغم النماذج المفزعة للإسلام السياسي في إيران وأفغانستان والحكم المبني على حصص الطوائف في لبنان والعراق، وكذلك المواجهات المذهبية في البحرين، والتوتر المقلق الذي شهدناه في الكويت بسبب الطرح الطائفي، وأمثلة أخرى مخيفة لتطبيقات تسييس الإسلام، فإن البعض مازال مصمماً على أن إقحام الدين في السياسة وإدارة الدولة هو الحل ولا يلتفت إلى حديث النبي محمد عليه الصلاة والسلام: "أنتم أعلم بشؤون دنياكم"، بينما الحل الأسلم مهما طال الزمن هو خلق دول مدنية في المنطقة تعطي نموذجاً للتعايش وحرية الفكر والعقيدة، ودون ذلك فإن المنطقة كلها مهيأة للاقتتال ومواجهات لا يعلم إلا الله مداها وعواقبها.