إسرائيل وفلسطين... التعثر عند أول عائق

نشر في 08-10-2010
آخر تحديث 08-10-2010 | 00:01
ساهمت الجولتان الأخيرتان من المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين في واشنطن وفي المنتجع السياحي في شرم الشيخ بمصر في كسر الجليد بين الطرفين، إلا أنهما لم تحققا أي تقدم بارز، وتبقى مسألة المستوطنات أشبه بسم مميت.
 إيكونوميست اصطدمت محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين بعقبة كبيرة الأسبوع الماضي، فما إن انتهى تعليق بناء المستوطنات اليهودية مدة عشرة أشهر في الضفة الغربية في السادس والعشرين من سبتمبر، حتى عاودت الجرافات عملها، وقد يعني ذلك، في نظر الفلسطينيين، نهاية مبكرة لهذه المحادثات.

صحيح أن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، دعا إلى الحدّ من بناء المستوطنات، غير أنه امتنع عن تمديد التجميد، ونتيجة لذلك، انهالت عليه الانتقادات من الحلفاء الأجانب، ولاسيما الولايات المتحدة، لكنه مازال يقاوم حتى اليوم جهود المبعوث الأميركي الخاص، جورج ميتشيل، الهادفة إلى عقد صفقة.

يعزو داعمو نتنياهو ذلك إلى أنه يحاول دعم اليمين الذي ينتمي إليه قبل خوض مفاوضات بالغة الأهمية، فنتيجة مقاومته الضغط الأجنبي، انهال عليه حلفاؤه المحليون بالثناء. على سبيل المثال، ذكرت مجموعة من المستوطنين أنها ستُطلق اسمه على أحد الشوارع، بيد أن نتنياهو قد يحتاج إلى دعم أكبر كي يتمكن من ضبط شركائه الأكثر تشدداً. ولعل أبرزهم وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان، الذي أوضح في خطاب أدلى به قبل أيام في الجمعية العمومية التابعة للأمم المتحدة أن الجولة الراهنة من المفاوضات فاشلة. لذلك، يحتاج نتنياهو إلى انضباط أكبر في حكومته، في حال أراد الدفع بالمفاوضات إلى خاتمة ناجحة.

على الرغم من ذلك، يُعتبر نتنياهو في وضع أفضل من سلفه لتحقيق هذا الهدف، حيث يبدو جلياً أنه ما من أحد ينافسه داخل معسكره، فليبرمان، رغم ادعاءاته، ليس مستعداً ليرأس حركة تمرد. أما اليسار، فيدعم من الناحية التكتيكية محادثات السلام. باختصار، يظهر نتنياهو كقائد إسرائيلي قل مثيله، قائد يتمتع بالدعم الكافي لعقد اتفاق سلام.

مع ذلك، ما زالت الشكوك تساور الفلسطينيين... فلو كان نتنياهو، في رأيهم، أكثر تجاوباً في الماضي، لسهل عليهم تجاهل هذه العقبة الأخيرة. ساهمت الجولتان الأخيرتان من المفاوضات في واشنطن وفي المنتجع السياحي في شرم الشيخ بمصر في كسر الجليد بين الطرفين، إلا أنهما لم يحققا أي تقدم بارز، وتبقى مسألة المستوطنات أشبه بسم مميت.

لكن ما حالَ دون انسحاب الطرفين عن طاولة المفاوضات حتى اليوم واقع أن النجاح ممكن. فقد ساهمت المحادثات غير الرسمية خلال السنوات الماضية في تضييق الفجوة بين الطرفين في مسألة ترسيم الحدود، حتى أن المساحة المتنازع عليها تقلصت إلى 1% فقط. يوضح سمير حليلة، رجل أعمال فلسطيني وأحد المفاوضين الذين يعملون في الكواليس: "يمكننا بت مسألة الأراضي بين الطرفين في غضون أسبوعين". لكن تهرب نتنياهو المتواصل في مسألة المستوطنات جعل حلفاء إسرائيل وجيرانها يتساءلون عما يريده رئيس الوزراء كي يعقد السلام، حتى أن البعض بدؤوا يفكرون في أنه من الأفضل إنهاء المحادثات، مع أنها لم تتخطَّ بعد أسبوعها الرابع.

أرجأ محمود عباس، الزعيم الفلسطيني، إعلان قراره بشأن ما إذا كان سيواصل المحادثات. ودعا لجنة المتابعة العربية إلى اجتماع في مقر جامعة الدول العربية في الرابع من أكتوبر بغية النظر في هذا القرار (وهو ما أرجئ بعد ذلك)، ولكن إذا انهارت المحادثات، ستكون العواقب وخيمة. ففي ظل غياب اتفاق حول بديل محدد، ستواجه السلطة الفلسطينية أزمة كبرى. وستكون "حماس"، المنظمة الإسلامية التي تسيطر على غزة، المستفيد الأكبر على الأرجح.

راهن المستوطنون اليهود منذ البداية على أن المحادثات لن تفضي إلى نتيجة تُذكر، فعندما خاض إيهود أولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، مفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين، تركزت أعمال بناء المستوطنات داخل الحدود المحتملة للأراضي اليهودية أو قربها، بما أنه افترض أن الأراضي الأخرى ستُخلى. في المقابل، مع انتهاء تجميد نتنياهو بناء المستوطنات، بدأ العمل في عمق الضفة الغربية. كذلك، ثمة خطط لبناء مركز تجاري يهودي جديد.

back to top