يمتلك الباحث في التراث نواف العصفور غرفة عروس نادرة في متحفه في منطقة الروضة، تعود لمئة عام ، فمعظم القطع التراثية في متحفه كانت ملك لنساء كويتيات عاصرن هذه الفترة من الزمن، وهي عبارة عن « لماعيات» و « سلال الروط» و سجادة تحمل صورة الكعبة وغيرها العديد من المحتويات.
أشار العصفور في حديث لـ«الجريدة» إلى ان العوائل الكويتية في الماضي كانت تتسم بالبساطة والطيبة، فغالبية الآباء كانوا يمتهنون المهن الكويتية القديمة ومنها الغوص والتجارة وغيرها، وكان كل اب من هؤلاء عندما يكبر احد ابنائه يحرص على تزويجه بسرعة من « بنت الحلال» عن طريق مشاورته في اختيار الزوجة المناسبة وغالباً ما تكون اما من بنات العم او بنات الفريج الواحد، وتكون المهمة في الاختيار ملقاة على عاتق الأم في البحث واختيار الفتاة المناسبة وفي حال تعذر عليها العثور على عروس لابنها تلجأ إلى الخطابة ، التي بدورها يجب ان تحمل مواصفات ومقومات معينة اهمها ان يتعدى عمرها الأربعين عاماً وتملك لساناً معسولاً أي « بياعة حجي» و « تشبهر الكلام» وذلك عن طريق المبالغة في مواصفات العروس والمعرس على سبيل المثال في حال ذهبت إلى اهل العروس لترشيح زوج لابنتهم قالت « عندي لكم ذاك المعرس اشزينة أوزارة ما ينشف وما يتحجى جليل كلام، عيونه عيون شاهين ، سيدا من بيتهم لي المسجد لي شغله ريال ما يتتطوف» وفي حال ذهبت لأهل العريس قالت مادحة « عندي لكم ذيج البنت إلى شعرها لي اركبها ، عيونها عيون عجل هالكبرها، ويها مدور مثل القمر و خشمها تقول اسلالة سيف» فمن المعروف عنها المغالاة في المواصفات لترغيب الطرفين كل منهما اللآخر وكثيراُ ما حدثت مشاكل بعد الزواج « وتخسبقوا وايد ناس» بسبب نصب بعض الخطابات، وبعد الأختيار تطلب الفتاة للزواج ولا تتم الخطبة الا بعد ان يجمع الشاب المتقدم للزواج مبلغ ميسور يستطيع ان يقدمه مهراً لعروسه ويعينه في ذالك والده في بداية حياته الزوجية.مراحل الزواجتبدأ مراحل الخطبة بتحديد موعد من قبل الخطابة مع ام العروس، وذلك كي يتسنى لأم المعرس من طلب الفتاة من والدتها، وتكون غالباً الكلمة الأولى والأخيرة للأب، ففي حال قبل الأب تقوم والدة العروس بالرد على الخطابة لتحديد موعد « يية الرياييل» وفي حال لم يقبل يتم الرد كذلك على الخطابة وتقول « محجوزة لولد عمها»، وفي حال الموافقة يحدد موعد « للرياييل»، وتتم هذه غالباً في المسجد بعد صلاة العشاء او في منزل اهل العروس وتتم المشاورة والموافقة والإتفاق على التفاصيل، وبعد ذلك يقوم والد المعرس باعطاء مبلغ معين لوالدة المعرس ويسمى شراء « الدزة»وهي قطع من الاقمشة والحاجيات التي تحتاجها العروس لزواجها و وتجمع الدزة وتربط في قطعة من القماش وهي عبارة عن «فوط» وقطع « خام» و مبلغ من المال غالباً ما يكون بحدود 100 روبية كمهر، وتدز «الدزة» في يوم الأثنين، اذ تقوم ام المعرس بجمع مجموعة من النساء ما يقارب العشرين امرأة إضافة شقيقات المعرس واقاربه، لنقل « الدزة» من منزل اهل المعرس إلى منزل اهل العروس سيراً على الأقدام حاملين معهم عدد من « السري» تسمى ب « تريكات المعاريس» ، وتحمل الخطابة « الدزة» فوق رئسها وتكون واضحة للعيان وسط تهليل وتكبير النسوة، إلى ان يصل الموكب وتكون باستقبالهم ام العروس وعدد من صديقات العروس، ويحتفى بهم عن طريق رشهم بماء الورد وتطييبهم بالخور، بعد ذلك يقومون بفتح « الدزة « لمعرفة محتوياتها وفي حال لم تعجب اهل العروس الدزة «اربطوها وردوها» وفي حال نالت على استحسانهم تقوم الخطابة بأخذ النقود واعطائها لأم العروس، دليل على قبولها، ويتم بعد ذلك تحديد يوم « الملجه».« الحنه» و « الوسمه»في هذه الأثناء تجهز غرفة العروس وتقوم الخطابة بدور « الحوافة» للقيام بهذه المهمة، فمن السائد ان تجهز الغرفة في بيت اهل العروس، وذلك عن طريق استعارة السرير« البلنك» و « الصندوق المبيت» و « السلال الروط» و « الزل» و « الحصران» و « الرماميين» و» المطارح» و « اللماعيات» وتبدأ بتجهيز الغرفة وكذلك تجهيز العروس حتى يحين موعد « الملجه» التي تقام في الغالب « ليلة الجمعة»، ويقوم « المعرس» بالإستعداد على طريقته الخاصة وذلك بتفصيل « دشداشة « جديدة وشراء « بشت وعقال» جديدين كما يقوم بحلق شعره وتقليم اظافره.ثم يذهب اهل المعرس واقاربه واصدقائه في موكب واحد للمسجد لإقامة صلاة المغرب ويقوم امام المسجد بعقد القران شفهياً بدون اي اوراق او وثائق، ويصلي بعدها الجميع صلاة العشاء، ويخرجون من المسجد في موكب حاملين « الطيران»، و» التريكات» متجهين إلى منزل العروس، ويكون في استقبالهم اهل العروس و» الطقاقات» وكانت اغانيهم في السابق يغلب عليها الطابع الديني. وفي هذه الأثناء تجلس العروس في غرفة فوق كرسي مزينة «بالحنه» و « الوسمه» والذهب الذي سبق واستعارته «الحوافة» من العوائل الميسورة وتتطيب كذلك بدهن العود والورد، من ثم تحمل إلى وسط الحوش فوق كرسيها وتوضع فوق رأسها « الخدرة» وهي عبارة عن قطعة قماش خضراء مزينة بنقوش مذهبة بحجم «مترين في مترين» وتبدأ النساء بالغناء «أمينا فيـ امــانيها مليحة في معــــانيـــه» وتسمى هذه الطقوس ب « الجلوة»، وبعد ان يدخل المعرس غرفة العروس تزف العروس إلى غرفتها وتكون في خدمتها«الحوافة» ، ثم يبارك الجميع للعروس والمعرس ما عدى ام العروس فمن طقوس واعتقادات اهل الكويت قديماُ ان تمتنع ام العروس من المباركة لزوج ابنتها. مفردات ومعانيهاالسرير البلنك: هو سرير من خشب السيسم يجلب من الهندالصندوق المبيت: هو صندوق مرصع بالنحاس المنقوش وبه جرارات ويخزن به الملابس.اللماعيات: هي الشمعدانات ذات الوان براقة توضع في الروشنة وتعطي بدورها جمال للغرفة.سلة الروط : هي سلة توضع فوق الصندوق المبيت لوضع الملابس فيها للإستخدام اليومي.سجادة الكعبة: هي سجادة عليها صورة مكة والمدينة وتعلق على جدار الغرفة لتجملها وتباركهم فيها.الدزة: هي « بقشة» من قماش فيها لوازم العرس والمهر.الحوافة : هي امرأة تقوم بخدمة العروسين في الإسبوع الأول من الزواج إلى التحوال وذهاب العروس لبيت زوجها.
توابل
نواف العصفور: مبالغات الخطّابة قديماً تؤدي إلى خلافات بعد الزواج يمتلك متحفاً وغرفة عروس نادرة في منزله
23-08-2010