غني عن البيان أن استخدام العنف في التعبير عن وجهات النظر هو أمر مرفوض رفضا قاطعا مهما كانت المبررات، إذ إن استخدام العنف من قبل الأطراف السياسية والاجتماعية المتباينة يؤدي إلى تهديد أمن المجتمع وزعزعة استقراره، بيد أن الاكتفاء بإدانة العنف المستخدم في التعبير عن وجهات النظر ورفضه لن يقضي عليه ما لم يرافق ذلك عملية بحث جدي عن الأسباب الرئيسة التي مهدت الطريق لاستخدام العنف وإدانتها أيضا.
وإن تجاهل الأسباب والتركيز فقط على النتائج التي ترتبت عليها لن يؤدي إطلاقا إلى القضاء على الظاهرة، بل إنه سيفاقمها، فلا يمكن بأي حال من الأحوال فصل النتيجة عن مقدماتها وأسبابها وحيثياتها ومعطياتها، فمعالجة المرض تتطلب القضاء على الفيروسات أو المايكروبات أو الجراثيم التي سببته، وليس الاكتفاء فقط بالتركيز على الآثار أو النتائج أو التداعيات التي ترتبت عليه. لذا فإنه من غير المنطقي أبدا التركيز فقط على إدانة الاعتداء الجسدي اللاإنساني الذي تعرض له محمد الجويهل، واعتباره حدثا معزولا لا علاقة له بالأسباب الكثيرة الكامنة وراءه أو الحيثيات العديدة التي أدت إليه، وكان من الواجب أيضاً إدانة الأسباب التي أدت إلى هذا الاعتداء المدان على اعتبار أن لكل نتيجة سببا. وهنا فإننا جميعا نعرف أن المجني عليه «الجويهل» قد دأب منذ مدة ليست قصيرة، هو ومن يسانده ويرعاه من متنفذين وقنوات فضائية ووسائل إعلام وكتّاب صحفيين وبعض أعضاء مجلس الأمة، على الترويج لخطاب الكراهية Hate Speech القائم على أسس عنصرية فجة، والموجه إلى فئات معينة ومكون أساسي من مكونات المجتمع الكويتي وهم أبناء القبائل، فضلا عن استخدام هذا الفريق للكثير من عبارات الازدراء والتهكم والدعوة للبغض والكراهية ضد معارضي بعض السياسات الحكومية من أعضاء مجلس الأمة، وهو الأمر الذي كان من المفترض عدم التسامح معه، إذ لا تسامح أبدا مع الخطابات الداعية إلى الكراهية والعنصرية والبغض الاجتماعي والازدراء والتي يستخدم فيها العنف اللفظي بكثافة بغض النظر عمن يطلقها، سواء فريق الجويهل أو الطرف المقابل له، أي الوجه الآخر للعملة العنصرية ذاتها لأن في ذلك دعوة شبه مباشرة للعنف الجسدي وتهديدا للسلم والأمن الاجتماعيين وتمزيقا للنسيج الوطني للمجتمع. وفي هذا السياق فإنه من الضرورة بمكان الانتباه وعدم الانجرار وراء عمليات خلط المفاهيم وقلب الحقائق والتدليس التي يقوم بها بعض الكتاب الصحفيين وبعض القنوات الفضائية، حيث إنهم يدعون باستمرار إلى أن ما يقوم به العنصريون الجدد سواء الجويهل ومؤيديوه ومن يرعاهم أو الطرف الآخر المقابل ما هو إلا عبارة عن حرية رأي وتعبير، مع أن خطاب الكراهية الذي يدعون إليه لا علاقة له إطلاقا بحرية الرأي والتعبير ولا بالديمقراطية، بل إن خطابات الكراهية الداعية للازدراء والحقد الاجتماعي والكره والعنصرية هي خطابات ليست منبوذة عالميا فحسب، بل مجرّمة قانونيا في دول العالم المتمدن، لكنها انتشرت، مع الأسف الشديد، في مجتمعنا في الآونة الأخيرة وأصبح لها مروجون كثر، بعضهم كتاب صحفيون لا تكاد تخلو مقالاتهم من الغمز واللمز العنصريين الموجهين إلى فئة من فئات المجتمع الكويتي، وجعل أفرادها طرفا في أي عملية إخلال بالقانون حتى لو كان الأمر لا يعنيهم مباشرة مثلما حصل في حادث الاعتداء الأخير على الجويهل الذي وقع بالقرب من ديوان النائب أحمد السعدون في منطقة الخالدية، في أثناء إقامة ندوة «إلا الدستور» الذي يفسره الكتاب العنصريون وبعض القنوات الفضائية الفاسدة غير الملتزمة بالأخلاق المهنية ومن تستضيفهم تفسيرا عنصريا بغيضا. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
حادثة الجويهل...فتش عن خطاب الكراهية
08-12-2010