إهانة مبارك... «كلاكيت» ثاني مرة
إن قتلى المصريين في عهد مبارك نتيجة الفساد والمحسوبية يفوق عددا من استشهد في مسيرات طرابلس الغرب أو درعا الشرق... نعم إن المحاكمة العادلة هي وحدها الفاصلة وهي المطلوبة والمرجوة لينال كل طرف ما يستحقه، ويصبح حكم التاريخ فاصلا، فالقضاء لا يعاقب بريئا ولا يعفو عن مجرم. مع بداية مطالبة الثوار- يوم الجمعة 28 يناير- برحيل مبارك بدأ البعض على الجانب الآخر يتعجبون من الطلب، واعتبروه إهانة للرئيس والزعيم والقائد، وكلما ازداد مبارك تشبثا بالكرسي ارتفعت حدة المطالبة برحيله، واستمر فحيح الأفاعي من حوله يصفون ما حدث بالإهانة، ويدعونه إلى البقاء إلى أن انتهى الموقف بخلعه نهائيا في 11 فبراير، وتأكد الجميع أن من أهان الرئيس هم من أوهموه بضرورة التمسك بالمنصب، وعدم الاستجابة لصوت الشعب، وثبت أن هؤلاء الحواريين والسياسيين أصحاب نظرية «البقاء أو الفناء» هم أول وأكثر من أهان مبارك.
واليوم وبغباء سياسي منقطع النظير يتكرر ذات المشهد، فمع اقتراب محاكمته بدؤوا مرة أخرى بالحديث عن ضرورة التسامح والعفو وعدم تقديمه للمحاكمة، وبدأ فحيحهم يعلو وهمسهم يرتفع، وانضم إلى الحواريين زعماء وسياسيون وكتاب عرب يطالبون الشعب المصري بتفعيل قيم التسامح والعفو، بينما الحقيقة أنهم بمطالبتهم هذه يؤكدون ويزيدون من إهانة مبارك، بل يحكمون عليه تاريخيا بالإدانة، فالعفو لا يكون إلا عن مجرم مدان، فمن أخبركم أصلا أنه مدان؟ ولماذا تخشون المحاكمة؟ وماذا لو أثبتت المحاكمة براءته، وأن بطانته– كما يدعون- هي المسؤولة؟ ولماذا تحرمونه من تبرئة تاريخية تجعل صفحته بيضاء وسيرته ناصعة؟ها هي المحاكمة أمامكم عادلة فقفوا في صف الدفاع، وقولوا ما تشاؤون أمام قضاء عادل، لتنتهي المحكمة إلى قرارها دون ضغوط أو تسييس، أما العفو الآن قبل المحاكمة فهو قمة الإدانة والإهانة لمبارك تماما كما فعلتم قبل 11 فبراير.إذا كنتم تؤمنون ببراءته فلتكن البراءة بحكم قضائي يشهد له القاصي والداني وليست عفوا أو مسامحة، أما إذا كنتم تعلمون بجرائمه وفساده وطغيانه وتطلبون العفو فأنتم شركاء له إما معنويا وإما فعليا، فلا يطلب العفو لمجرم قاتل إلا شريك فاسد، فأي الفريقين تحبون أن تكونوا؟من العجب أن من يطالب بالتسامح والعفو عن مبارك يطالب في ذات الوقت بأشد القصاص لغيره من الحكام العرب شرقا وغربا لقتلهم مواطنيهم والاعتداء عليهم أثناء المسيرات والتظاهرات، وكأنما الشهداء فقط هم شهداء التظاهرات، أما قتلى الفساد من عبارات وقطارات وانهيارات وعشوائيات... إلخ، كل ذلك لا قيمة له ولا يساوي شيئا.إن قتلى المصريين في عهد مبارك نتيجة الفساد والمحسوبية يفوق عددا من استشهد في مسيرات طرابلس الغرب أو درعا الشرق، نعم إن المحاكمة العادلة هي وحدها الفاصلة وهي المطلوبة والمرجوة لينال كل طرف ما يستحقه، ويصبح حكم التاريخ فاصلا، فالقضاء لا يعاقب بريئا ولا يعفو عن مجرم.*** موقف بعض الدول العربية من الثورة المصرية... من الخاسر؟ سؤال ستجيب عنه الأيام.***التباطؤ الشديد جدا من جانب المجلس العسكري في إجراءات محاكمة مبارك هل يفسره إيمانهم القوي بالقضاء والقدر وانتظار حكمه؟***مع الفرح الشديد والتهليل في الشارع الغربي لمقتل أسامة بن لادن ألمح نظرة حزن وأسى في عيون الشارع العربي... لماذا؟***لا للانتقام والشماتة والتشفي، نعم لبناء مصر الجديدة، مصر العدالة والحرية، مصر الواجب والمسؤولية، مصر الأمان والديمقراطية.