اختارت «جمعية الفيلم»، مؤسسة الثقافة السينمائية العريقة في مصر ، أن تقدّم مهرجانها السنوي هذا العام (30 أبريل ـ 7 مايو 2011)، بعد قليل من انتصار ثورة 25 يناير.

Ad

تأسست «جمعية الفيلم» عام 1960 وتعتبر الأقدم والأكثر خبرة في مجال نشر الوعي حول السينما كجزء من ثقافة البلاد الوطنية، وقد اختارت شكلاً جديداً لمهرجانها الأول بعد الثورة.

تعرض الجمعية، في مهرجانها السابع والثلاثين، أفلاماً تسجيلية وقصيرة حول ثورة 25 يناير ونماذج من الأفلام الروائية الطويلة التي تتوافق مع مفهوم الثورة في مراحل مختلفة من مسيرة السينما المصرية... ابتداءً من «زائر الفجر» إخراج ممدوح شكري، الذي صوّره عام 1971، لكن السلطات آنذاك منعته إلى أن أُفرج عنه عام 1974 عقب حرب أكتوبر 1973، لكن للأسف بعد رحيل مخرجه بأسابيع عن عمر 32 سنة.

يقول المخرج والمثقّف الكبير الراحل أحمد كامل مرسي عن «زائر الفجر»: «يعتبر أول فيلم سياسي مصري مكتمل مفهوماً ومضموناً يعبّر عن حال مصر في تلك الفترة».

أحد الأفلام الروائية المهمة والمؤثرة ذات الروح الثائرة أيضاً، «البريء» للمخرج الراحل عاطف الطيب، سيناريو وحيد حامد، بطولة أحمد زكي، في دوره الشهير أحمد سبع الليل، مجنّد في قوات الأمن المركزي التي دُربت، في الأساس، للفتك بالمعارضين في التظاهرات، ويصحبنا الفيلم في رحلة طويلة تتحقّق في آخرها لحظة الوعي والتنوير في عقل المجند الشاب، هنا يعتبر الفيلم نبوءة نادرة في السينما المصرية والسينما عموماً، إذ اندلع، في أعقاب عرضه، تمرّد جنود الأمن المركزي المعروف، وإن كان الفيلم عُرض «مبتوراً» بعدما شوّهت السلطات نهايته التي يتمرّد فيها المجند بتوجيهه النيران التي في يده إلى رؤسائه من الضباط الدمويين بدلاً من الضحايا المعارضين، إلا أن المهرجان يعرض نسخة الفيلم الأصلية الكاملة.

كذلك، يعرض المهرجان «الجوع» إخراج علي بدرخان، عن ملحمة نجيب محفوظ الفذة «الحرافيش»، وهو أحسن أعمال بدرخان على الإطلاق، ويتميزّ بديكور نموذجي للراحل الكبير صلاح مرعي وتصوير بالغ التميز لمدير التصوير القدير محمود عبد السميع (رئيس الجمعية الحالي) وأداء رائع للممثلة المبدعة سعاد حسني والفنان المتفوّق عبد العزيز مخيون وغيرهما... إنه فيلم ملحمي عن كيفية اختمار الثورة في أفئدة الجموع، وتجسيد درامي لآليات الثورة ومناهضة أصحاب المصلحة في استمرار «الاستقرار» والوضع القاتم الظالم.

أحد الأفلام المعروضة أيضاً «هي فوضى؟»، فيلم الوداع للمخرج السينمائي الرائد يوسف شاهين، إلى جانبه تلميذه خالد يوسف، ويعتبر في صدارة الأفلام التي تنبأت، بوضوح وجلاء، بانفجار ثورة شعبية على مفاسد مؤسسة الشرطة خصوصاً والسلطة عموماً، من أجل الحق والعدل وحرية الإنسان وكرامته، بعدما استبدّ الشرطي الصغير، لكن المسنود من الكبار، في مؤسسة الشرطة الباطشة، إنه حاتم ذلك الحاكم الخسيس البشع في الحي القاهري وصورة مصغّرة عن المظالم والفساد على كل مستوى وحتى قمة السلطات.

للجيل الأحدث، يعرض المهرجان فيلم «678» تأليف محمد دياب وإخراجه، وهو أحد المشاركين في ثورة الشباب في 25 يناير بجرأة ووعي منذ اللحظة الأولى، والفيلم بحث جاد عبر السينما في جزء من مظاهر الاهتراء والتحرّش الناتجة من فساد النظام الشامل الذي استشرى في البلاد.

كذلك فيلم «ميكروفون» إخراج أحمد عبد الله السيد وتأليفه مع هيثم يحيى، بطولة خالد أبو النجا الذي شارك في إنتاجه، بالمصادفة هو آخر فيلم مصري عُرض قبل اندلاع ثورة 25 يناير. وإذا كانت الأحداث الكبرى قد أثّرت على إيراداته مثل غيره بطبيعة الحال، إلا أن بطله شارك مع المتظاهرين منذ اللحظة الأولى، ويعبّر الفيلم عن شباب جديد وجاد وعن جوهر واقع البلاد، من خلال فرق غنائية متمردة، يقابل المسؤولون، سواء في القاهرة أو الإسكندرية أو غيرهما، فنّها بالقمع الشديد والإرهاب السلطوي الكامل.

لكن تقوم ثورة الشباب والمواطنين الأحرار في القاهرة والإسكندرية وكل موضع في مصر، لإزالة هذا القمع والقامعين وليتحرر هؤلاء الشباب ويصدحون ويقدمون فناً حقيقياً بصدق وحرية.