إخواننا العرب تفننوا في إطلاق التسميات على أيام الأسبوع لكنهم خصوا يوم الجمعة بأغلبية الأسماء فمن «جمعة التغيير» إلى «جمعة الرحيل»، ولأننا شعب حي يحب الكويت ذهبنا إلى العنوان الأهم، وهو «جمعة الدستور» مع اختلاف الشبه والمقام فشتان بين الاثنين.

Ad

لا أريد أن أقلل من أهمية الحراك الشعبي، وفي الوقت نفسه نريد أن نميز الخبيث من الطيب، فالحياة السياسية في دولة الكويت تختلف اختلافاً كلياً عن الأنظمة العربية من حيث منظومة الديمقراطية وعلاقة الحاكم بالمحكوم، كما أن قنوات التغيير معروفة ويمكن إحداثها من خلال الدستور الذي نظم علاقة الحاكم بالمحكوم ونظم آلية المشاركة الشعبية، فالشعب يختار ممثليه من النواب ليؤدوا عنهم حسب نص الدستور.

العمل السياسي إن لم يكن مدروساً من الناحية القانونية فالنتيجة المتوقعة الفوضى، وهو أمر مرفوض حتى إن حسنت النوايا، فقد حفظ الله الكويت ومرت «جمعة الدستور» على خير؛ رغم مخالفتها للقانون وخطورتها، فالتوقيت والطريقة التي تمت بها المظاهرة وما صاحبها من سوء التنظيم ودخول النواب على الخط مع معرفتنا المسبقة بنواياهم ومحاولتهم استمالة الحضور الذي لم يكن محسوباً عليهم من الأصل، ومع علمنا المسبق برفض المنظمين دخول النواب في هذه المظاهرة بالتحديد، لكن حب الظهور، قاتله الله، كان أكبر من الاكتفاء بالتفرج والمتابعة، فالملعب يستحق الدخول والتذاكر بالمجان... والغاية تبرر الوسيلة.

أه من «الغاية تبرر الوسيلة»... فلو اختزلت في إزاحة الشيخ ناصر المحمد، فإن العمل السياسي يكون قد اختطف وضاقت أفقه، والأحوال لا تسر، والنواب نسوا دورهم كشريك في التنمية.

وإن كنا نحترم الدستور وأهميته في المحافظة على الديمقراطية، فمن باب أولى على النواب أن يكونوا قدوة لنا عبر ممارسة دورهم الرقابي غير منقوص، وأن يرضوا بحق الحكومة في الدفاع عن نفسها في إطار يؤصل العمل السياسي ويجيّره لكشف الخلل وتقويم الأداء.

لا أريد أن أتطرق لا إلى نوعية أو أحقية الاستجوابات، ولا إلى كيفية تعامل الحكومة معها، فـ«قبة عبدالله السالم» كفيلة بالنواب والحكومة، فالذي ينزل من السماء تتلقاه الأرض، ولا حتى إن تبادلوا الضرب في كل جلسة، فهم يمثلون الأمة في حدود التشريع والرقابة، وعدا ذلك فهم مسؤولون عن تصرفاتهم وينطبق عليهم ما ينطبق على سائر الخلق.

عودة إلى «جمعة الدستور» أو «الغضب»، وهنا أيضا لا تهم التسميات ما دامت تركت في المكان المناسب وتحت أعين الكل، ودون استخدام العنف في تفريقهم، فبذلك نجنب الوطن كل أنواع المخاطر، ونثبت للعالم كله أننا أهلٌ للديمقراطية، وأن شعب الكويت بأطيافه جميعها قادر على مواكبة الأحداث، بل التعايش معها والاستفادة منها للخروج بـ«الجمعة البيضاء» التي عجز غيرنا عن إدراكها.

معادلة بسيطة... الكويت غير الكل ستبقى شامخة معتزة بكبريائها وتمسكها بكل الدستور...

ودمتم سالمين.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة