نزهة

نشر في 20-05-2011
آخر تحديث 20-05-2011 | 00:00
 أ. د. فيصل الشريفي هذا الأسبوع يصلح لكتّاب الزوايا اليومية، فالأحداث العربية والإقليمية والمحلية تأتي بالنكد والغمّ، ولأني أكتب مرة في الأسبوع فقد ضاعت وتشتّتت أفكاري بين المهم والأهم، وبمن أبدأ ومن أترك، فأينما أدير وجهي أرى من الإحباط ما يكفي لقلب «الربيع العربي» إلى شتاء عاصف؛ لياليه أطول من ليالي القطب الشمالي.

صدقوني في هذه اللحظة أغمضت عيني متنقلا بين الربوع العربية ودروس التاريخ لعلي أرى سورية الصمود، ومصر العروبة، وتونس الخضراء، وفلسطين الأقصى، واليمن السعيد، وهنا فتحت عيني لأجد صورة البحرين وليبيا حاضرة أمامي، فلم أجد أيضاً فرقا بين الخيال والواقع، فكلاهما مُرٌّ، فالسواد يلفّ القلوب، فلا الدول التي أطاحت بالحكام تحسّنَ وضعها ولا الحكام الذين صمدوا مدّوا أيديهم إلى مواطنيهم ليوفوا بعهود الإصلاح.

نزهتي لم تكن سعيدة، فقررت العودة إلى رحاب الوطن فقلبي انتصر للكويت، والتداعيات والاستحقاقات السياسية كبيرة، فلم تعد الروح والمسؤولية الوطنية كما كانتا، فالضرب لم يعد تحت الحزام ولم تعد الخطوط الحمراء للوقوف، فقد تساوت الألوان عند البعض حتى عميت القلوب، فمن ليس معي فهو ضدي، وهنا أيضاً تاه المواطن فلم يعد يعرف أين يضع ثقته، فالواقع المتردي لغياب دولة القانون نتج عنه خطف لما هو جميل، فصار الحديث حول التشاؤم بديلا عن التفاؤل.

ما أراه اليوم على الساحة السياسية في مجمله حراك سياسي يشكل منعطفا تاريخياً ومفصلياً في الحياة الديمقراطية؛ إن كان في زاوية الإصلاح مشروطاً باعتماد الحكومة نهج المواجهة مع احتفاظها بحقوقها الدستورية، فالمواطن يريد الحقيقة ومقارعة الحجة بالحجة حتى تصل الكويت إلي بر الأمان مع معرفتنا المسبقة بأن النزال هذه المرة لن يكون سهلا، فالخصوم دخلوا أجواء الاستجواب منذ زمن، فكتلة العمل الشعبي أخرجت كل ما في جعبتها ضد سمو الرئيس، وكذلك الحال بالنسبة إلى كتلة العمل الوطني، فهي لم تفوت فرصة إلا استغلتها ضد الشيخ أحمد الفهد.

تفنيد صحيفة الاستجواب هو آخر سلاح يمكن استخدامه للإطاحة بالحكومة، ومن بوابة التقريع والتغليظ كاستحقاق دستوري يمكن للمستجوبين استغلاله لإنهاء عمر هذه الحكومة أو الإطاحة بالمجلس من خلال طلب عدم التعاون إن قررت المواجهة دون الالتفات إلى نتيجة التصويت، لكنها أدركت مغبة صعود المنصة؛ لذا لجأت هذه المرة إلى نوابها لتمرير طلبها إحالة الاستجواب إلى المحكمة الدستورية وتأجيل مناقشته لمدة عام كامل، وهو خيار تاريخي لا يصبّ في مصلحة الديمقراطية، كما أنه سيستخدم مرات ومرات.

بعد إسدال الستار على مسرح الاستجواب لم يعد هناك مجال للنزهة بل سيدخل المجلس في صراع كسر العظم، وحينها سيلجأ النواب إلى الشارع في رحلة غير مضمونة العواقب تزيد من تأزم الوضع في تفريق مكونات المجتمع.

ودمتم سالمين.

back to top