بعد إصدار بنك الكويت المركزي معايير جديدة على شركات الاستثمار التقيد بها وتنفيذها خلال عامين من الآن، يبدو أن «المركزي» يسعى بشكل جدي إلى أن يبدأ عملية غربلة واسعة النطاق على القطاع الاستثماري المحلي بشكل تدريجي، حتى تتم عملية «تنظيف العفن»، كما وصف وزير التجارة والصناعة أحمد الهارون حال بعض الشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية، ومنها بالتأكيد شركات استثمارية، وذلك من خلال حديث محافظ «المركزي» الشيخ سالم الصباح في وقت سابق عن تفكيره في إجراء عملية اختبارات ضغط على جميع الشركات الاستثمارية، في خطوة جديدة منه لوضع إجراءات استباقية واحترازية للقطاع الذي خسر في العامين الماضيين (2008 و2009) ما يقارب الـ5 مليارات دولار– حسب تقرير وكالة فيتش– توزعت على مليارين في العام الماضي و3 مليارات في العام قبل الماضي، كما استمر القطاع في تسجيل خسائر بقيمة 100 مليون دولار في الربع الأول من العام الحالي، وفقد مؤشر قطاع الاستثمار في سوق الكويت للأوراق المالية أكثر من 70 في المئة من قيمته منذ بداية 2008، وهو أسوأ أداء في السوق بين جميع القطاعات.
ويقول محافظ «المركزي» في تصريح سابق: «لا شك في أن سلامة الأوضاع المالية لشركات الاستثمار تشكل أمراً مهماً لبنك الكويت المركزي، ويعد ذلك من أولوياته في هذه المرحلة لأمور كثيرة، يأتي في مقدمتها تطلعه إلى تطوير هذه الشركات إمكاناتها وقدراتها التي تمكنها من تخطي آثار الأزمة المالية بنجاح، وأقل الأضرار الممكنة والاستفادة من الدروس التي تركت الأزمة بصماتها على جميع المستويات ذات العلاقة بالتعامل معها». من جانب آخر، هناك ضرورة تقتضي اتخاذ الإجراءات التي تساعد على الحد من المشكلات والممارسات غير السليمة، وذلك بهدف تجنيب هذه الشركات الآثار السلبية للأزمات والأوقات الصعبة، وهو ما يؤمن مصالح هذه الشركات ويكفل استمراريتها بقوة بدعم من مراكزها المالية ونتائج أعمالها وإدارتها الفعالة والجيدة. ومن الأمور الطبيعية انه في مثل هذه الأوقات الصعبة يتعين على السلطات الرقابية إعادة النظر في العديد من الأساليب والممارسات الرقابية لاكتشاف ما قد يكون غير مناسب.ونظراً إلى أن شركات الاستثمار تمثل أحد القطاعات المهمة في النشاط الاقتصادي، وبالتالي من المهم جداً الاطمئنان بشكل مستمر وبأساليب مناسبة، على سلامة وقوة هذه الشركات، كان لابد من معرفة آراء شخصيات اقتصادية تقع أنشطتها ضمن قطاع الشركات الاستثمارية، وتحديد وجهات نظرها– التي أيدت بشدة مثل هذا التوجه- بشأن جدوى هذه الاختبارات ومدى فاعليتها على القطاع بشكل عام، فكان التحقيق التالي:الموسى: نريدها «سنوية»... وقيمتها الحقيقية في الجهة المشرفة عليهايرى رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب في شركة مجموعة الأوراق المالية علي الموسى أن جميع المؤسسات المالية لا بد لها أن تمر بنوع من الاختبارات التي تقرأ تحديات مستقبلها، دون الانتظار لحصول أزمة مالية لإجرائها، مضيفاً أن اهمية تلك الاختبارات تكمن في تحديد مكامن الخطر التي يمكن أن تتعرض لها أي شركة استثمارية في المستقبل إن استمرت على نهج معين مدة معينة.وأضاف الموسى أنه ومن خلال التجارب فإن التركيز في إجراء الاختبارات يقع على الجهة المشرفة عليها لا على الشركة الخاضعة لها، مؤكداً أن القيمة الحقيقية لاختبارات الضغط هي بمن يجريها ويشرف عليها من مؤسسات تقييم متخصصة وذات مهنية عالية وليس على الشركات التي تخضع لتلك الاختبارات.وأشار إلى أن النظرة لفحوصات "المركزي" ونتائج اختباراته دائماً ما يجب أن تكون بنوع من "الشوق"، لأنها ستكشف وبكل تأكيد نقاط ضعف جديدة تؤدي إلى وجود مراكز اختلالات في تلك الشركات بكل مهنية واحترافية، مضيفاً أنه من الأفضل لو بقيت هذه الاختبارات كنوع من الإجراءات "السنوية" الدورية التي يجريها "المركزي" على شركات الاستثمار، نظراً إلى فائدتها المهنية الكبيرة على هذا القطاع المهم في الاقتصاد الكويتي.السلطان: «الضغط» يبين نقاط الضعف والقوة لدى الشركاتقال مستشار مجلس ادارة شركة أرزاق كابيتال صلاح السلطان إن من المهم جدا ان تخضع شركات الاستثمار لاختبارات الضغط، ليبين ويوضح وضع الشركات المالي ومدى قوتها وتحملها للازمات.واضاف السلطان ان اختبارات الضغط تبين نقاط الضعف ونقاط القوة لدى شركات الاستثمار، مضيفا ان بعد هذه الاختبارات يقوم البنك المركزي بفرز الشركات القوية عن الضعيفة والشركات القادرة على الاستمرار من غير القادرة في ضوء الازمات المالية.واردف السلطان: بعد ذلك يقوم محافظ البنك المركزي بوضع القوانين والشروط التي تحل مشاكل شركات الاستثمار، او اتخاذ القرارات الصارمة، وعلى سبيل المثال ان يقوم بدمج بعض الشركات المتعثرة ببعضها، او زيادة رأسمالها او شطبها. وتوقع السلطان ان هناك شركات لن تستطيع ان تصمد بهذه الاختبارات، مضيفا ان اغلب شركات الاستثمار وضعها المالي غير سليم، وان هذه الاختبارات ستقوم بإظهارها، وان قيام البنك المركزي بهذه الخطوة سوف يصحح مسار بعض الشركات، وستقل مخاطر المساهمين وتحد من بعض إدارات المجالس في اللعب في وضع الشركة.الثامر: أفضل سياسة يمكن اتباعهاقال مستشار تطوير الأدوات المالية في شركة الشعب الوطنية العقارية محمد الثامر إن الهدف من إجراء اختبارات ضغط على شركات الاستثمار هو التأكد من قدرة وملاءة الشركات على تسديد ديونها، وهل هي قادرة على الاستمرار في ظل الازمات المالية ام لا، مضيفا ان هذا الاختبارات كان من المفترض ان يعمل بها منذ بداية الازمة الاقتصادية العالمية.واردف الثامر ان سياسة اختبار الضغط من افضل السياسات المتبعة، وذلك لمتابعة الشركات ونظام التمويل بدقة أكثر، لافتا الى ان سياسة الضغط طبقت في بداية الأمر على القطاع المصرفي، وكان لابد ان تطبق على القطاع الاستثماري، وذلك لأهمية القطاعين على الاقتصاد بشكل عام.وأوضح الثامر أهمية نتائج اختبارات الضغط الاستثماري في أنها تساعد على اتخاذ الإجراءات المناسبة حيال هذه الشركات التي تظهر النتائج سوء أوضاعها، أي في ما إذا كانت الحكومة ستضع خطة لتقديم الدعم المالي لها في حال تحقق السيناريو الأسوأ لكي تستمر في أعمالها، أو ستسمح لها بالإفلاس، وعلى ذلك فإن نتائج تلك الاختبارات سوف تحدد الشركات الاستثمارية ذات الأوضاع المتينة، وهي التي تكفي أصولها لتمويل التزاماتها وتغطية خسائرها المستقبلية.واضاف ان هناك شركات أصولها منتجة وريعية ولها القدرة على سداد ديونها اذا أعطيت الفترة الكافية والجدولة المناسبة، ولديها القدرة على الاستمرار، وفي المقابل هناك شركات بالغت في ديونها وليس لديها أصول في الجودة المناسبة التي تمنحها القدرة على سداد ديونها خلال فترة معقولة، وهي الفترة التي تكون ما بين سنتين او ثلاث سنوات، وهذا يساعد البنك المركزي في اتخاذ الإجراءات في الوقت المناسب، ولا يفاجئ بشركات التي يكون وضعها المالي مترديا.الصانع: تعثر بعض الشركات واضح ولا يحتاجإلى اختبارات ضغط لتأكيدهأكد حامد الصانع رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب في شركة الكويت والشرق الأوسط للاستثمار (كميفك) ضرورة إجراء اختبارات الضغط على شركات الاستثمار إذا ما أراد "المركزي" ذلك، ولا يجب أن تؤجل إلى مدة اطول، موضحاً أن الغرض الرئيسي من هذه الاختبارات هو معرفة قدرة الشركات على مواجهة أزمات مالية ممكنة في المستقبل، وبالتالي فإنها ستكون مفيدة جداً للقطاع الاستثماري خصوصاً أنه تأثر كثيراً خلال الأزمة الحالية.وأضاف الصانع أن هناك شركات استثمارية متعثرة لا يجب أن تمر بهذه الاختبارات، نظراً إلى أنها لا تحتاج إليها أساساً بعد انكشاف جميع سلبياتها وتعثراتها، مشيراً إلى أن مثل تلك الشركات من الواضح جداً ودون اختبارات صعوبة إمكانية استمرارها في السوق، مؤكداً أن هناك شركات مؤهلة لتلك الاختبارات، لكن هناك عددا لا بأس به من بقية الشركات الاستثمارية لا يجب أن نختبرها، لأنها أساساً متعثرة وليست قادرة على الاستمرار ما لم يتم حل أوضاعها. واشار إلى أن الشركات المتعثرة يجب أن يتم الضغط عليها بضرورة إنهاء مشاكلها الحالية سواء عبر بيع أصولها أو زيادة رؤوس أموالها أو تقديم علاجات أخرى، مؤكداً ضرورة وضع خطط وسيناريوهات وقائية لها لتفادي وقوعها في هذه المطبات والأخطار مستقبلاً، وبالتالي تأزم أوضاع مساهميها مرة أخرى بسبب سوء التخطيط المستقبلي.النمش: أغلب شركات الاستثمار لن يستطيع اجتياز الاختباراتقال المحلل الاستثماري علي النمش إن محافظ "المركزي" قام بإجراء اختبارات ضغط في المرحلة الأولى على القطاع المصرفي، وعندما رأى أنها ذات جدوى وفائدة ملموسة على تصحيح مسار هذا القطاع صرح بأنه سيطبق سياسة الاختبارات على الشركات الاستثمارية. وتوقع النمش ان اغلب شركات الاستثمار لن يستطيع اجتياز هذه الاختبارات، وسوف تنكشف الكثير منها على حقيقتها ووضعها المالي السيئ، واضاف: اذا انكشفت الشركات على حقيقتها فسوف يعطي محافظ البنك المركزي الأحقية في التعامل مع هذه الشركات وإصدار القوانين اللازمة، لحل مشاكلها سواء مالية او إدارية، او استدعاء أعضاء مجالس الإدارات لإجبارهم على تصحيح الخلل الموجود او الشطب. وتابع: ومن القوانين التي من الممكن ان يقوم محافظ البنك المركزي بإصدارها في حال انكشاف بعض الشركات الاستثمارية على وضعها الحقيقي، وضع الضوابط المتشددة بالنسبة إلى شركات الاستثمار في ما يخص المحافظ والصناديق والإدارات التنفيذية وإدارة المخازن. وافاد بأن اختبارات الضغط ستوضح لنا ما هي قدرة الادارة التنفيذية وإدارة الاستثمار على إنقاذ الشركة من الازمات، ومدى حقيقة أصول شركات الاستثمار وجودتها ومدى ملاءمتها لقوانين البنك المركزي.الطبطبائي: تميز الغث من السمين و«المتين» من الضعيفقال المحلل المالي ياسين الطبطبائي إن الحكمة من اختبارات الضغط هي إظهار الشركات الاستثمارية على وضعها الحقيقي، والتعرف على قدرتها على تحمل الخسائر المستقبلية التي يمكن أن تتعرض لها في ظل اوضاع محددة حول الازمات الاقتصادية في المستقبل، وهذه الأوضاع تبدأ بما يسمى استمرار الأوضاع الحالية على ما هي عليه، وتأكد من ان الشركات الاستثمارية سوف يكون لديها موارد رأسمالية كافية لمواجهة الخسائر التي يمكن أن تتعرض لها في حال تحقق أسوأ وضع اقتصادي.واردف الطبطبائي ان الازمة المالية العالمية لم تنته الى الآن، وهي تعصف بالعالم اجمع، وهذا هو الوقت الذي من المفترض ان تكون هناك اختبارات ضغط على شركات الاستثمار، وإظهار الشركات المتينة والقادرة على الاستمرار من الشركات التي أكلتها الديون وغير القادرة على الاستمرار.واشار الى ان اغلب الدول قامت بمعالجة اوضاع شركاتها الاستثمارية وغيرها لتفادي الازمات، وهنا توجد شركات تدعي الوضع السليم، وهناك شركات قالت إنها سوف تعلن إفلاسها ولم نر الى الآن شركات قامت بإعلان إفلاسها، مطالبا بمعالجة الوضع بإجراء اختبارات ضغط حتى نرى هل تستطيع الشركات الصمود في ظل أزمة جديد سواء كانت عالمية او داخلية.بوخضور: الاختبارات تهدف إلى المحافظة على حقوق المساهمين وإيجاد إدارات كفؤةيرى رئيس مجلس إدارة الشركة الدولية للإجارة والاستثمار حجاج بوخضور أن "المركزي" ذو مهنية عالية، وهذا التوجه يتفق مع مهنيته لأنه بالنهاية سيكون من مصلحة شركات الاستثمار حتى لا تقع في ما وقعت به هذه الشركات مستقبلاً، مضيفاً ان "المركزي" حريص من خلال هذه الاختبارات على حقوق المساهمين والمحافظة عليها من خلال إيجاد إدارات ذات كفاءة واستيفاء شركات الاستثمار لمتطلبات الإدارة الكفؤة.وقال بوخضور: صحيح أن اختبارات الضغط ستكون مؤلمة في بعضها لكنها واجبة، نظراً إلى تحقيقها الفكر الاستباقي الوقائي لأي انهيارات مستقبلية، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن نرى أموراً سلبية كثيرة، لكن بالنهاية هذه الاختبارات مطلوبة وبشدة حتى لا نصدم بانهيارات مستقبلية جديدة تؤثر على متانة وسلامة القطاع الاستثماري في الكويت.وأكد بوخضور ضرورة إجراء هذه الاختبارات بأقرب وقت ممكن حتى تستكشف جميع الشركات الاستثمارية متانة أوضاعها الداخلية، ومحاولة وضع سيناريوهات علاجية عديدة تتناسب مع الفترة المقبلة، مضيفاً أن تشخيص المرض يساهم بشكل أساسي في إيجاد علاج مناسب له.الهاشم: ستوضح الأصول «العفنة» وأداء الشركاتفي إعادة الهيكلة وجدولة القروضشددت رئيسة مجلس الإدارة العضو المنتدب لشركة أدفانتج للاستشارات الإدارية والاقتصادية صفاء الهاشم على أهمية هذه الاختبارات، لأنها ستساهم في توضيح الصورة بشكل كامل عن مقاييس أداء الشركات في عمليات إعادة الهيكلة وجدولة قروضها قصيرة الأجل لمشاريع طويلة الأجل وتوضيح حجم الأصول "العفنة"، مضيفةً أننا مقبلون على فترة "انكشاف بلاوي" إذا ما تم إجراء هذه الاختبارات من "المركزي" قريباً.وقالت الهاشم إنه وبعد مرور عامين تقريباً على بداية الأزمة المالية في الكويت فإننا لم نر حتى الآن أي نوع من تطوير الأداء في الشركات الاستثمارية الكويتية إلا في حالات نادرة، مضيفةً أن هناك حالة من التعتيم "غير الطبيعي" على مساهمي الشركات من قبل إداراتها، وتغييبا لدورهم سواء على عمليات إعادة هيكلة الديون أو إجراءات أخرى.وأكدت الهاشم أن "المركزي" مطالب بأن يطبق بعض الإجراءات الاحترازية التي يطبقها على البنوك وعلى شركات الاستثمار، لأنه جهة رقابية على كلا القطاعين.
اقتصاد
الجريدة• تسأل اقتصاديين: ما مدى فعالية توجه «المركزي» إلى إجراء اختبارات ضغط على شركات الاستثمار؟
29-08-2010