امرأة خارقة

نشر في 16-05-2011
آخر تحديث 16-05-2011 | 00:00
 فوزية شويش السالم أرسل عبدالسلام الخالدي السؤال التالي: المتزوج من مثقفة وأديبة ما هي نظرته إليها، وفيمَ تختلف عن غيرها من المتزوجات؟

وجدت أن الجزء الأول من السؤال تصعب إجابته والرد عليه، فهو يتعلق بنظرة الرجل للمرأة الأديبة، وهو الأمر المطموس في أعماق الرجل الشرقي الذي قد تكون له ازدواجية تتغير وتتلون تبعا للمواقف، فحين يكون في مكان منفتح على الثقافة والحرية الاجتماعية، فعندئذ سيتمكن من التعبير الصريح والإفصاح عن مكنون أفكاره وتقديراته للمرأة بشكل أوضح وبهامش من الحرية أكبر، وفي هذه الحالة قد يكون صادقا أو أنه يتظاهر بما يتلاءم مع قبول ما يحبه المجتمع الذي هو فيه أو يرفضه.

وفي تقديري فإن الرجل الواثق بنفسه يسعد ويفخر بثقافة زوجته وبمكانتها الأدبية، وربما يشجعها ويقف إلى جانبها في المواقف الصعبة التي قد تتعرض لها.

الجزء الثاني من السؤال أيضا رأيي فيه ينقسم إلى جزأين؛ الأول هو أن المرأة المثقفة والمبدعة في أي مجال، وعلى وجه الخصوص المجال الأدبي والفني، هي امرأة تختلف عن غيرها من النساء المتزوجات، فالعبء الذي يقع على عاتقها أكبر بكثير من الذي يقع على بقية المتزوجات، فمسؤوليتها أثقل بكثير من غيرها، فالمرأة المتزوجة، ولا أعني بها الخليجية وحدها، بل كل نساء الوطن العربي المتزوجات، تقع عليهن مسؤولية الأسرة كلها، من رعاية البيت والزوج والأبناء بكل متطلباتهم، إلى جانب عملها الخاص المنوطة مسؤوليته بها وحدها.

هذه الأحمال الثقيلة تنوء المرأة بحملها، وتحاول بجهد كبير أن تنجح في إدارتها وتوليها، وهذا النجاح إن تم يأتي على حساب حياتها الخاصة، والتي تتنازل وتضحي بها عن طيب خاطر لأجل استقرار ونجاح أسرتها.

وحين تكون المرأة المتزوجة مبدعة فهذا يعني قيامها بالدور الواقع على كل النساء المتزوجات، بالإضافة إلى العمل والاهتمام بمنتجها الإبداعي الخاص، وهذا بحد ذاته لا يمنح ذاته إلا بمقدار ما يأخذ من وقت مبدعه، فكلما استولى على أكبر حصة من وقت ومجهود وفكر وعصب وخلايا روح مبدعه، توهَّج وتفجّر بعطاء أكثر، لذلك نجد أن الإبداع لا يحب الشريك، وكلما أعطيته أكثر، أعطى ومنح سره ولبه بكرم أكبر، لذا نجد أن إبداع الرجل أكثر من إبداع المرأة لأنه متفرغ لنفسه ولعطائه الإبداعي، فهناك دائماً امرأة ما تقوم بخدمته وتوفير مطلق الراحة له، سواء كانت زوجة أو أما أو صديقة أو ابنة أو حتى خادمة.

وسهل عليه جداً أن يلقي بمسؤولية الأسرة كلها ويعلقها في رقبة زوجته، لكن المرأة المبدعة بأي رقبة تعلق مسؤوليتها تجاه أسرتها؟!

حتى زوجها لن يقف إلى جانبها ويحمل مسؤوليته تجاه نفسه وتجاه أسرته، فهو معتاد أن يكون مخلياً من مسؤولية الرعاية اللهم إلا الرعاية المادية، والتي أيضا للمرأة نصيب كبير منها.

إذن المرأة المتزوجة والمبدعة في الوقت ذاته يجب أن تعمل بطاقة مضاعفة، وأن تكون «سوبر» عن أي امرأة خارقة للعادة، حتى تتمكن من القيام برعاية أسرتها، وفي ذات الوقت إعطاء أدبها أو فنها ما يستحقه وما يجب أن يكون عليه.

وفي الحقيقية نجد أن الأسرة تأكل من إبداع المرأة، لأنها لا تمنحها الفرصة والوقت والصفاء الكافي للتركيز في عملية الخلق والإبداع.

أما الجزء الثاني الذي يبرز الاختلاف فهو ناتج مما سبق قوله، وهو أن المرأة المبدعة بشكل عام، الزواج ينتقص من إبداعها، لذا حين تتميز المرأة المتزوجة بإبداعها فلا شك أن ذلك جاء على حساب أشياء أخرى، مثل قلة التركيز الذي ينعكس على العائلة وشؤونها، فمستحيل أن تُقسم الطاقة بالتساوي، لذا يحدث قصور في متابعة بعض الأمور وقلة الانتباه إليها، لأن العقل المبدع ينصرف بالسر إلى متابعة مادته حتى من دون علم صاحبته أو رغبتها، مما يقلل من طاقة الانتباه إلى الأمور الأخرى، لذا ربما تكون الزوجة العادية أفضل من الزوجة المبدعة، فهي كاملة الحضور لأسرتها ولرعايتها.

وهذا لا ينتقص من دور الزوجة المبدعة الذي قد ينعكس إبداعها على وعي أفراد أسرتها فيشكلهم بوعي مختلف. ويبقى في النهاية النجاح جهادا خاصا وصعبا للمرأة المتزوجة والمبدعة في آن واحد.

back to top