الرحلة من الكويت إلى مدينة ميامي بولاية فلوريدا الأميركية طويلة ومتعبة خاصة إن كان المكوث فيها لا يتعدى الثلاثة أيام، ومن ثم العودة مرة أخرى.

Ad

إلا أن طول السفر دون وعثاء بالطبع كان يستحق العناء. فالمناسبة كانت المؤتمر السنوي للاتحاد الوطني لطلبة الكويت فرع الولايات المتحدة، الذي تمكن الشباب المتجدد والمبدع من أن يجعل منه حدثاً رائداً ممتعاً ومتميزاً بكل ما تعنيه تلك الكلمات من معانٍ.

بحكم طبيعة الجسم الطلابي المتجدد، فالقيادة الطلابية بالضرورة متغيرة، ما يعني أنه على الرغم من التغير الحادث بسبب التخرج فإنه بات واضحاً أن تراكم الخبرات يتزايد ويتحسن عاماً بعد عام. وقد كان التنظيم وتقسيم العمل متقدماً بمراحل على أوضاعنا البائسة فلا يوجد شخص واحد تتمركز بيده كل الصلاحيات، فكل شخص مسؤول عن مهمة، وهي فضيلة نفتقدها في مجتمعنا.

المؤتمر بحد ذاته كان عبارة عن خلية نحل، فعلى الرغم من وجود انتخابات، حامية كما يقال، فإن فعاليات المؤتمر وندواته المتنوعة من رياضية إلى اقتصادية إلى ثقافية إلى سياسية كانت تعقد وكأنه ليست هناك انتخابات. وعندما جرت الانتخابات فقد جرت بسلاسة ودون أي إشكاليات فتحدثت القائمتان المتنافستان وطرحتا ما لديهما، ومن ثم التصويت بين صيحات المناصرين لهذه القائمة أو تلك، وما إن أعلنت النتائج حتى هنأ الخاسر الفائز بصورة تعكس استيعاب الروح الديمقراطية.

التنظيم كان رائعاً وقد فكر المنظمون في كل شيء حتى أن مفاتيح الغرف لم تكن تحمل شعار الفندق كالعادة بل شعار المؤتمر. ولعل النجاحات التي حققها شباب الاتحاد هي التي دفعت بفعاليات اقتصادية وسياسية وأكاديمية ورياضية وإعلامية وغيرها إلى الحرص على الحضور حتى نهاية المؤتمر.

في خلال الندوات، لم يكن الالتزام بحضورها هو اللافت الوحيد للنظر، ولكن المتابعة الحثيثة والأسئلة الذكية المركزة هي التي أسعدتنا وزرعت فينا أملاً ما نحن القادمين من آخر الدنيا محملين بالإحباط السائد في مجتمع الضياع والتوهان. فقد ناقشنا موضوعات كثيرة مع التركيز على أحدثها، كحبس محمد عبدالقادر الجاسم، إذ أوضحت تهافت مبررات حبسه وخروجها عن المبادئ العامة لحرية التعبير، كذلك كان استنكار محاولات إفراغ الدستور واضحة خاصة ما يتعلق منها بما عرف بمساعي رفع الحصانة البرلمانية عن النائب فيصل المسلم لأمور أدلى بها تحت قبة البرلمان.

كان المؤتمر وكانت فعالياته كالموسيقى الجميلة الحالمة بوطن مشرق لا طائفية فيه ولا تمييز، وطن مستقر تسوده العدالة وسيادة القانون على الجميع. فعسى أن يضيف هذا الشباب الواعد ملامح إيجابية على جسد الوطن الممزق.