غلطة منو؟

نشر في 01-11-2010
آخر تحديث 01-11-2010 | 00:00
 علي محمود خاجه المشهد الأول-المكان: وزارة

المواطن: أرغب في نقل ابني من مدرسته إلى مدرسة أخرى. «يقولها بثقة وطمأنينة»

الموظف الحكومي: تحتاج المسألة إلى موافقة ثلاثة أقسام، ومن واقع خبرتي بمثل هذه الحالات فإنك حتما ستحتاج إلى واسطة أو أن ينقضي عام دراسي كامل إن حصلت على الموافقات. «يقول في قرارة نفسه مسكين هذا المواطن».

المشهد الثاني- المكان: ديوانية (بوعدنان)

المواطن: هذا ما حدث معي اليوم بالوزارة، وأريد حلاً، فابني لا يرغب في مواصلة دراسته بتلك المدرسة. «يقولها بيأس وخيبة».

أحد روّاد الديوان: عليك الذهاب إلى نائب منطقتنا «بو إسماعيل»، وإلا فإنك لن تتمكن من إنهاء معاملتك بموعد قريب.

المواطن «على وجهه علامات الإحباط»: «بو إسماعيل» لن يقبل التوسط لي، فهو يعلم أنني لم أكن من مؤيديه بالانتخابات.

صاحب الديوان «يبتسم واثقا»: لا يستطيع أن يرفض، فهو يعلم جيداً بما نملكه من ثقل وعلاقات ستؤدي قطعاً إلى خسارته في الانتخابات إن رفض لنا طلباً.

المشهد الثالث- المكان: مكتب النائب «بو إسماعيل»

المواطن: أتيتك يا «بو إسماعيل» لإنهاء إجراءات نقل ابني من مدرسته الحالية إلى مدرسة أخرى، كما أني أنقل لك تحية رواد ديوان «بوعدنان». «يقولها بثقة وطمأنينة».

النائب «بو إسماعيل»، يجيب باهتمام وحرص شديدين: أبشر... وطلباتكم إنت وديوان «بوعدنان» أوامر.

المشهد الرابع- المكان: استراحة مجلس الأمة

النائب «بوإسماعيل»، مخاطبا وزيرا ذا نفوذ بنبرة رجاء: معالي الوزير لي معاملة مهمة لدى الوزير المختص، وقد ذهبت إليه ورفض التوقيع عليها بحجة أنه لا يريد أن يأخذ المواطن حقه من خلال النواب بل من خلال القنوات الروتينية العادية.

الوزير صاحب النفوذ: (أفا عليك يا «بو إسماعيل» إحنا نعين ونعاون، إليك توقيعي وعدم ممانعتي على المعاملة، وما عليك سوى تسليمها للوزير المختص، ولكن لا تنسانا يا «بو إسماعيل» في قضيتنا المهمة ونريد تأييدك المطلق لنا، وما يخدم بخيل).

النائب «بوإسماعيل»، يقول بنبرة منكسرة ذليلة: سمعاً وطاعة يا معالي الوزير.

المشهد الخامس- المكان: زاوية أخرى من استراحة المجلس

النائب «بو إسماعيل»، بلهجة المنتصر: «تفضل يا معالي الوزير هذا الكتاب بعد تعديله».

الوزير المختص، ينظر إلى توقيع الوزير ذي النفوذ وعدم ممانعته ويتلعثم: دعني أنظر في الأمر.

المشهد السادس- المكان: الصف الأمامي في قاعة المجلس

الوزير المختص، بلهجة تحدٍّ يشوبها الخوف: لا أرغب في توقيع معاملة «بو إسماعيل».

الوزير صاحب النفوذ «بخبث»: هل سمعت بالتغيير الوزاري القريب؟

الوزير المختص يوقع المعاملة بانكسار.

أسقطوا تلك المشاهد الستة السابقة على ما تريدون من أمثلة أعمالنا الروتينية اليومية: نقل وظيفي... قرض إسكاني... بيت حكومة... رخصة تجارية... تقاعد طبي... علاج بالخارج، أو أي إجراء روتيني يومي آخر يتطلّب أكثر من يوم لإنهائه، وهي الحال مع أكثر من 90% من إجراءات الدولة، وسترون أن هذا السيناريو لن يتغير بجوهره، وإن تغيرت مفرداته ووسائله.

تلك هي كويت اليوم، وهكذا تسير، ولن يكون لدينا مشرّع طالما رقابنا تحت سكين المنفّذ.

خارج نطاق التغطية:

أبدأ اليوم عاماً جديداً من حياتي بل مرحلة جديدة بعد انضمامي إلى نادي الثلاثين عاما، وكلي أمل أن يكون وطني أفضل وأجمل مما كان عليه في الثلاثين عاماً الماضية، وإن كان التشاؤم يغزوني كل يوم، فإني سأهدي مرحلتي العمرية الجديدة جرعة من التفاؤل علّها تقضي على ظلام وطني... سأتفاءل.

back to top