في أكتوبر 2007 قدم النائب ضيف الله بورمية استجوابا إلى وزير المالية حينذاك بدر الحميضي، وعلى الرغم من قبول الحميضي الاستجواب واستعداده لتفنيد كل ما فيه، فإن حكومة الشيخ ناصر المحمد الثانية أو الثالثة (لم أعد قادراً على العد)، قامت بتعديل وزاري وتسليم الحميضي حقيبة «النفط» بدلاً من «المالية» قبل مناقشة الاستجواب.

Ad

وكانت ردود الفعل إثر ذلك التعديل أو التدوير للحميضي كلها تصب في قالب واحد، وهو رفض تهميش الأداة الدستورية من خلال تهريب الوزراء من مناصبهم وتسليمهم وزارات أخرى، فإما أن يعود الحميضي إلى «المالية» ويواجه استجوابه وإما ألا يعود في وزارة أخرى أبداً، كي لا تصبح سُنّة تنتهجها الحكومات اللاحقة للتخلص من الاستجوابات.

ومن باب الانسجام مع المبدأ، وعلى الرغم من قناعتي التامة بأن الحميضي كان قادراً على مواجهة مزاعم بورمية في استجوابه ودحضها، فإني وكثيرين غيري رفضنا عودة الحميضي من باب آخر غير باب «المالية»، فنحن لن نقبل أبداً بأن ينتهك الدستور وتهمش الأدوات الرقابية أبداً.

اليوم نحن أمام حالة جديدة مشابهة في معظم تفاصيلها لحالة 2007، فهناك 3 استجوابات مقدمة إلى وزير الخارجية محمد صباح السالم ووزير الإعلام أحمد العبدالله، ووزير التنمية وبقية المسميات، أحمد الفهد، وعلى إثرها استقالت الحكومة كاملة وسيعاد تشكيلها.

بالنسبة إلي فإني لا أعترف بجدية استجوابيّ وزيريّ الخارجية والإعلام، فهما من الاستجوابات الصديقة للحكومة، وأعلم يقينا أن مربط الفرس يتمثل في استجواب وزير التنمية، وبقية المسميات، أحمد الفهد، وهو ما أدى إلى الاستقالة هروباً من المواجهة.

أقول إن الحالة مشابهة لـ2007 لأن المؤشرات تقول إن وزيرين من الثلاثة المستجوبين على الأقل سيعودان في التشكيل الحكومي القادم، وأعني هنا محمد صباح السالم وأحمد الفهد، وعلى الأرجح أن يعود محمد صباح السالم إلى وزارة الخارجية مجدداً.

أما بالنسبة إلى الفهد، فاعتقادي أنه لن يعود إلى وزارة التنمية وبقية المسميات لأنه يعلم يقينا أن استجوابه سيكون قائماً ولن ينتهي، وكل الصخب السابق كان من أجل أن يهرب ولا يصعد المنصة، فمن غير المنطقي أنه سيقبل بالعودة إلى نفس الوزارة ونفس المنصة.

إذن، فإن العودة المرجحة للفهد ستكون من بوابة وزارة جديدة تضاف إلى رصيد وزاراته السابقة، وهو ما يعني السعي إلى تهريبه كما حصل مع بدر الحميضي سابقا، إلا أن الحميضي يختلف عن الفهد في أمر محوري، وهو جرأته واستعداده للمواجهة ولكن الشيخ ناصر المحمد ارتأى غير ذلك، بعكس الفهد الذي طلب استيضاح الواضح ولمّح إلى إحالة استجوابه إلى «الدستورية»، وأثبت أنه لا يريد المواجهة. وهو ما يعني أن الرفض يجب أن يكون هو الشعار لعودة الفهد إلى وزارةٍ غير وزارته السابقة؛ لأن فيها من تهميش وتسخيف الأدوات الرقابية علامة واضحة وجلية ستحفز الحكومات لاحقاً على نفس الإجراء، ويجب ألا يعامل الوزراء من أبناء الأسرة معاملة خاصة تختلف عن الوزراء من بقية الأسر الكويتية أبداً، فما ينطبق على الحميضي ينطبق على الصباح.

فإما العودة من خلال نفس الوزارة السابقة وإما اللاعودة ولا خيار دونهما، فنحن نريد تفنيدا للاستجواب أو المحاكمة السياسية ومن ثم المحاكمة القضائية... وهذا هو الميدان.

خارج نطاق التغطية:

أمر شنيع أن تمد يد الصداقة والتعاون إلى الجار فنفاجأ بشبكة تجسسية تطعننا من الخلف، وهو ما حدث مع النموذج الإيراني، نحن بحاجة إلى أعنف رد دبلوماسي كويتي تجاه ما ثبت حول شبكة التجسس الإيرانية، فمن يمس الكويت لا يستحق أن يكرّم منها ولن نقبل بذلك أبداً.