لمَ يشكّل التقدّم في السّن مشكلةً؟

نشر في 21-05-2011 | 00:00
آخر تحديث 21-05-2011 | 00:00
يشكّل التقدّم في السّن مصدر قلق للرجال عموماً وللنساء خصوصاً. عندما يكون المرء طفلاً يتمنّى أن يصبح راشدًا، وعندما يصبح مسناً يتوق إلى أيّام شبابه، لا سيما أن مرحلة الشيخوخة تحمل مشاكل عدّة على جميع الصّعد.

هل عبء السنين هو ما يثير قلقنا، أم أنّه الخوف من النهاية القريبة؟ مع تقدّمنا في السّن، تظهر التجاعيد على وجوهنا، لكننا في الوقت نفسه نكون قد اكتسبنا على مر السنين خبرة كبيرة. لذا علينا الاقتناع بأن الشيخوخة مرحلة طبيعيّة من حياتنا، ومن هذا المنظار علينا أن نفرح بما حققناه لا أن نأبه لتقدّمنا في العمر.

يدرك مسنون ومرضى كثر قيمة الحياة، فالإنسان في حياته اليوميّة لا ينفكّ يفكّر في هذا الموضوع، مع أنّه إذا توقّف عن ذلك، سيشعر براحة أكبر. يكفي أن يتذكّر من حين إلى آخر أنّ الجميع لا يحظى بفرصة عيش حياة طويلة، ليعيد النظر في أحداث حياته ويقدّر الفرصة التي أعطيت له.

عندما يكون المرء في مرحلة الشباب، يتمنّى أن يصبح أكبر سنًّا، إذ إنّه يشعر بألا شيء قد يقضي عليه، ما يحثّه على التقدّم نحو الأمام ويسمح له باكتشاف أفق جديدة، لا سيما بعد تخطّيه مرحلة الطفولة التي يتعرّف خلالها إلى العالم عبر إرشادات أسرته، ودخوله مرحلة النضج، ليتّسم بالاستقلاليّة وحريّة التصرّف فلا يضطر إلى الخضوع لسلطة أهله.

اليوم، لا يدل سن الرشد على استقلاليّة ذاتيّة، إذ يشبه شبان اليوم الراشدين إلى حدٍّ ما. فهم لا ينظرون سوى إلى إيجابيّات هذه المرحلة، فيحاولون التهرّب من المسؤوليّات المترتّبة عليهم، كالعمل خلال أيام العطلة مثلاً.

النساء

التكيّف مع مرحلة الشيخوخة يتطلب شجاعة كبرى، وفي هذا المجال تتمتّع النّساء بحسٍّ مرهف أكثر من الرّجال، ذلك لميزاتهنّ الجسديّة، إذ إنّ بعض مراحل حياتهنّ يتّصف بالصعوبة، على رغم أنهنّ يحاولن قدر الإمكان إبعاد شبح الشيخوخة عنهنّ. وإحدى أبرز الصّعوبات التي تواجهها النّساء هي انقطاع الطّمث عندما يبلغن سنّ اليأس، إذ لا يعود باستطاعتهن الإنجاب. فتُؤثّر عليهنّ هذه التغيّرات الهورمونيّة معنويا وجسديًّا، كجفاف البشرة وترهّلها، الإرهاق وارتفاع حرارة الجسم. عندئذٍ، تشعر المرأة بأنّها فقدت سحرها ورونقها.

لا شكّ في أنّ للجمال أهميّة كبرى. لكن لا يمحو ظهور التجاعيد والشيب جمال المرأة. فمعظم النجمات ما زلن يلفتن الأنظار على رغم تقدمهنّ في السن لأنهن يحافظن على رشاقتهنّ.

عموماً، يؤكد الخبراء أن المرء عندما يبلغ سناً معيّنة يصعب عليه خلالها إبراز مفاتنه فينبغي عليه حينئذِ الخضوع الى هذا الواقع. ويُشار إلى أنّ ثمة نساء يلجأن إلى جراحات التّجميل بعد مواجهتهنّ مشاكل عاطفيّة كالطلاق، لا سيّما عندما يُقدم الشريك على هجرهنّ، ما ينعكس سلباً على ثقتهنّ بأنفسهنّ. فيسعين إلى إجراء أيّ تغيير ممكن، كممارسة رياضة معيّنة أو الانتساب إلى ناد فنيّ، علماً أن اهتمام المرأة بنفسها من عدمه يظهر على مرّ السنين، فتلك التي تولي بشرتها وجسدها عناية خاصة لا تبدو عليها معالم التقدّم في السنّ سريعاً.

في السياق نفسه، من الطبيعي أن تجد المرأة الجميلة صعوبة كبرى في تقبّل التقدّم في السن، كذلك يصعب على بعض الأمّهات تقبّل فكرة أنّ بناتهنّ أكثر منهنّ شباباً. وتبقى هذه التصرّفات واردة، إلى حين أن تعثر المرأة على طريقة للترفيه عن نفسها.

بالنسبة إلى الرجال، تبقى هذه المرحلة أخف وطأة، لا سيما أن الرجل يجذب المرأة بخبرته ووضعه الاجتماعي لا جماله فحسب.

فقدان الثقة بالنفس

يخاف المرء من الأيّام الآتية، ومن الأمراض التي ترافق مرحلة الشيخوخة. فترتفع احتمالات الإصابة بمرض السرطان لدى الذين يبلغون 50 سنةً وما فوق، بالإضافة إلى تراجع الأداء الوظيفي، كالقدرة الجنسيّة مثلاً. فمن جهة، يخشى المرء أن يجد نفسه وحيدًا، ومن جهة أخرى أن يصبح عاجزًا بالكامل فيضطر إلى الاتكال على الغير بصورة مستمرّة.

ويساهم مرض الألزهايمر في تفاقم هذه الحالة النفسيّة، فحين يفقد المرء ذاكرته، يصعب عليه التعرّف إلى المقرّبين واكتساب معلومات جديدة. إضافة إلى أن الخوف من الموت يقضّ مضجع مسنين كثر، فيؤدي إلى مشاكل نفسية وصحية كثيرة.

ماذا عن مرحلة الشّيخوخة؟

لا شكّ في أن الشيخوخة مرحلة لا يمكن للمرء تجنّبها، ولكن يمكن اعتماد استراتيجيات عدة كالتغذية السليمة والرياضة وجراحات التجميل التي تعزّز ثقة الإنسان بنفسه. فما هي إذًا الخطوات الضّروريّة للحفاظ على صحّة الجسم والبشرة وسلامة العقل؟

نصائح

لا يُخفى علينا أن معدّل الحياة قد ارتفع في البلدان الصناعيّة. فمن الضروري على كل إنسان بغية تقبّل تقدّمه في السن، أن يحافظ على نظام غذائيّ متوازن ومتنوّع يشمل تناول الأطعمة الغذائيّة وتجنّب الوجبات السّريعة المضرّة للصحّة. بالإضافة إلى ذلك، يستحسن التنويع في النشاطات الاجتماعيّة، مثل الانتساب إلى نادٍ فني، إذ مع تقدّمه في السن يحاول المرء الحفاظ على روح الشباب، فيصعب عليه أحياناً التوفيق بين مظهره الخارجي وحماسته الداخليّة.

مع ارتفاع معدّل الحياة، بات يُعتبر سن الستين عمر النضوج عوضًا عن الأربعين. فعندما تبلغ معظم النساء الستّين عامًا، يسعين إلى الاهتمام بمظهرهنّ وإلى ممارسة تمارين رياضيّة تساعدهنّ على الاسترخاء. كذلك، يمضين أوقاتهنّ مع الأحفاد للترفيه عن أنفسهنّ. يجد بعض الخبراء أنّ على المرء أن ينظر إلى الأمور بإيجابية ويحاول أن يعوّض عن الوقت الذي مضى وذلك ليتقبّل فكرة تقدّمه في السن. فضلاً عن ذلك، تختلف معالم الشيخوخة من شخص إلى آخر إذ لا ترتبط هذه المرحلة بالجينيّات فحسب، بل هي أيضًا تتأثّر بالمحيط الخارجي.

عموماً، الشيخوخة محطّة أساسيّة من حياتنا على رغم الأمراض الكثيرة التي تصيبنا خلالها. أمّا الوجه المشرق منها فيتوضّح عبر بعض الأشخاص الذين يكتسبون على مرّ السّنين خبرة كافية تسمح لهم بإتقان عملهم بصورة أفضل والتقدّم في حياتهم بإيجابية. وأخيراً، من الطّبيعي أن يتملّك المرء الإحباط بسبب تقدّمه في السن، لكن يجدر به أن يعيش كلّ لحظة من حياته، وألا يفكّر بما مضى وأن يتمتّع بما تقدّمه هذه المرحلة من تجدّدات.

back to top