عقد المجلس الأعلى للخدمة المدنية قبل استقالة الحكومة في 27/3/2011 اجتماعاً أقر بموجبه زيادات وبدلات جديدة لعدد من موظفي الدولة، ومن بينها إقراره كادراً جديداً لمن لا كادر له.

Ad

الخبر مألوف جداً، والاعتراضات التي تلته كذلك، سواء أتت من نقابات غير راضية عن قيمة الزيادة، أو موظفين غير مشمولين بالعطايا التي تقدمها الدولة لموظفيها، أو موظفين لا يريدون لغيرهم أن يحصلوا على نفس مزاياهم ومنحهم.

حكومتنا مهووسة بتبديد أموالها وتفريقها على رعاياها ومستخدميها، ويخدمها ارتفاع سعر برميل النفط الذي يحقق لها فوائض غير متوقعة، وأيضاً جيش داعم من مؤيدين يريدون أعلى راتب مقابل أدنى مجهود، وهؤلاء يمثلهم نواب في البرلمان وجمعيات نفع عام ونقابات عمالية، تجمعهم الزيادات وتفرقهم قيم العمل وشرف الخدمة العامة، وهي دائرة تدور على نفسها، حتى بلغت بنا الحال إقرار كادر لمن لا كادر له.

نوابنا للأسف، ومن قبلهم الحكومة، تغيب عنهم حقيقة أن المال العام هو «مال الجميع»، تصرفه وتؤتمن عليه الحكومة ويراقبها مجلس الأمة، وحمايته من مسؤوليتنا جميعاً، لذلك فهو ليس مالاً يُقتطع ليُقدم لفئة معينة أو لشاغلي وظيفة محددة فقط لأنهم كويتيون، أياً كانت الاعتبارات مع كامل تقديرنا للجميع.

كما أن ازدواجية المعايير الكويتية لا تمنع النواب من رفع شعارات الدفاع عن المال العام في الوقت الذي ينصبون أنفسهم فيه «واقفين» على المال العام، يوزعونه متى أرادوا وكيفما شاؤوا على اعتبار أن الدستور كفل لهم ذلك، لتأتي الحكومة بعدهم وتوزع ما تبقى منه على البقية الضعفاء من موظفيها ممن «لا كادر لهم ولا قوة». كانت الحكومة حتى ثلاث سنوات مضت تلجأ إلى البنك الدولي متى ما حشرها النواب في الزاوية فيما يتعلق بزيادة الرواتب، وحينما يصدر البنك الدولي تقريره كانت تركنه في الدرج وتفعل ما يريده النواب، وبعد ذلك شرعت هي من نفسها في زيادة موظفيها وشاغلي بعض الوظائف حتى استنفدت الجميع لتعود وتقر كادراً لمن لا كادر له.

حينما ينتهي تقرير البنك الدولي بضرورة دعم موظفي القطاع الخاص ليجذب حديثي التخرج وموظفي الحكومة بما يخفف الضغط عن القطاع العام، نرى الحكومة تزيد رواتب موظفيها، فتشهد وزاراتها ردة من موظفي القطاع الخاص، لأن رواتبها أصبحت أكثر إغراء مقارنة بساعات العمل والجهد المبذول إلى جانب تفشي الفساد الإداري والاستفادة من المزايا التي يحظى بها موظف الحكومة مقارنة بنظيره في القطاع الخاص؛ كالتفرغ والانتداب وتخفيف العمل. لكن القصة تكمن في أن 80 في المئة من موظفي القطاع العام مواطنون كويتيون فوق 21 سنة، ويعني ذلك أنهم يشكلون الحصة الأكبر من الناخبين، ولهذا فعيون النواب دائماً عليهم لمراعاة مصالحهم وتلبية احتياجاتهم، ولا مانع بين وقت وآخر من زيادة رواتبهم، بخلاف موظفي القطاع الخاص أو المتقاعدين لأنهم أقلية، رغم أنهم كويتيون أيضاً!

على الهامش:

تمنى الزميل الصديق سعد العجمي في مقاله الأحد الماضي في «الجريدة» لو أن الوزير روضان الروضان أبقى رده على النائب مسلم البراك في حدود نفي الخبر أو إثباته دون تهجّم، وعاتب الوزير لأنه تهجم على البراك ووصفه بالكاذب والفاقد للقيم والأخلاق، وذلك تعليقاً على السجال بينهما حول معلومة إيفاد رئيس الحكومة وزيراً للاعتذار من إيران لضلوعها في قضية التجسس. ونحن بدورنا ننتظر رأي الزميل الصديق سعد العجمي بالأوصاف التي أطلقها النائب البراك على الوزير الروضان خلال تصريحاته ومنها:

«رد الوزير المطراش يذكرني بالمثل نقول... قال حلبوه».

«سأعيد عليك مرة أخرى ما نشر لعل التكرار يعلم...».

«هذه حكومة غبية لا تقرأ وإن قرأت لا تفهم وإن فهمت لا تستوعب».