خلال اجتماع أخير مع رؤساء تحرير الصحف الكبرى في تركيا، صرّح رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان: "لا نتوقّع أن تقف الصحافة في صفّنا". ولكن منذ أن أمسك حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه أردوغان بزمام السلطة عام 2002، وُجهت أصابع الاتهام إليه، مندّدةً بمحاولته قمع أصوات معارضيه.

Ad

علت هذه الادعاءات أواخر الشهر الماضي، حين طُرد بكير كوسكون، صحافي علماني مناضل، من عمله في الصحيفة اليومية الرائجة Habertürk. غير أن مالك الصحيفة أعلن ألا دخل لضغوط الحكومة بهذا القرار، بل يقع اللوم على كوسكون الذي خرق "بأسلوبه العدائي" النهج العام لهذه الصحيفة.

في مطلق الأحوال، أعادت مجموعة ثابتة من الصحافيين المعارضين للحكومة تشديدها على أن أردوغان لا يقبل الانتقاد، وظهر ذلك جلياً في سبتمبر عام 2009، حين اتهمت سلطات الضرائب التركية أيدين دوغان، أحد أقطاب عالم الإعلام التركي، بالاحتيال الضريبي وفرضت عليه دفع غرامة ماليّة هائلة (تبلغ قيمتها مع الفوائد المستحقة 3.7 مليارات دولار). ومنذ ذلك الحين، عمل كبار المسؤولين في مجموعة دوغان على طرد أو إنزال مرتبة بعض صحافييها الأشد معارضة للحكومة. فضلاً عن ذلك، لا يتوانى صحافيّون تابعون لمجموعة دوغان عن التحدث عن الضغوط المستمرة التي تُمارس عليهم لتعديل كتاباتهم. ويُقال إن دوغان يخوض راهناً محادثات مع روبرت مردوك وغيره بهدف بيع إمبراطوريته الإعلامية.

بالإضافة إلى ذلك، تقول فيراي تينك، التي تدير وسيلة إعلام تراقب أعمال الحكومة: "ينظر حزب العدالة والتنمية إلى الصحافة بصفتها العدو". فيذكر الاتحاد الدولي للصحافيين أن حوالي أربعين صحافياً زُجّوا في السجن، وأن ما يقارب 700 صحافي أُحيلوا إلى القضاء، كثيرون منهم من الأكراد الذين اتهموا بنشر معلومات دعائيّة انفصاليّة كاذبة. وفي شهر يونيو، حُكم على إيرفان أكتان بالسجن مدة 15 شهراً لأنه اقتبس أقوال أحد المتمردين من حزب العمال الكردستاني. كذلك واجه محمد بارانسو، مراسل كشف النقاب عن مجموعة من المؤامرات التي تُحبك للإطاحة بالدولة وتكلم عن عدم كفاءة الجيش، أربعين دعوة قضائيّة مختلفة، وأدين ست مرات خلال الخمسة عشر شهراً الماضية. فلا شك أن حكومة حزب العدالة والتنمية لم تحترم وعدها بتخفيف قوانين الإعلام الصارمة.

قد يتعاطف المرء مع الصحافة الحكومية إن خصصت مساحة أكبر لأمثال أكتان، فعلى حد قول أردوغان، ألقي القبض على مئات من الصحافيين (معظمهم من الأكراد) أو اختطفوا خلال ذروة تمرد حزب العمال الكردستاني في تسعينيات القرن الماضي. ولقي العشرات حتفهم في "جرائم قتل غامضة" نُسبت الى عناصر أمنية مارقة، رغم ذلك، لم تتجرأ أي من الصحف الكبرى على التطرق إلى هذه المسائل، خوفاً من معاداة الجنرالات.

وفي الماضي كما الحاضر، لم يبقَ لرؤساء وسائل الإعلام سوى الرضوخ لضغوط الحكومة بغية حماية أعمالهم، أما الفارق اليوم فيكمن في أن الجميع (سواء كانوا من الأكراد أو المعارضين للجيش أو العلمانيين) يتعرضون لضغوط. تختم تينك، قائلة: "توسعت الشبكة لتشمل الجميع اليوم".