بعد مقالي الأخير الذي يتحدث عن الفساد المتفشي في دور الرعاية، وتعرض الأيتام للمعاملة القاسية وصل إليّ العديد من الرسائل التي تؤكد أن ما ذكرته صحيحٌ، فوضحت الرسائل أن عناصر الفساد هناك تقوم بعمل شبكة من الأكاذيب لكل من يقترب من مؤسستهم لاسيما المتطوعات، واتفقت على «تطفيشهن» حتى لو كان عن طريق الأكاذيب.
وأنا هنا لست أنقل سوى الرسائل التي وصلتني، وأكثر الرسائل التي أثارت استغرابي هي رسالة من موظف في شركة إعلامية إماراتية كبيرة في الكويت أرادت أن تتبرع للأيتام بمجلات الأطفال (ميكي- ديزني- إلخ) مجاناً كإهداء للأطفال لرسم الابتسامة على وجوههم.وأشار إلى أن عدد النسخ بلغت 1500 نسخة كلفتهم 3000 دينار كويتي، وعانى هذا الموظف المسؤول في هذه الشركة الكثير والكثير، كما ذكر حرفياً حتى يحصل هذا التبرع، ويرجع ذلك إلى سوء معاملة القائمين في هذه المؤسسة التي لا تثمن ولا تقدر أي تبرعات إن لم تكن لشخصيات من الأسرة الحاكمة، فيحفر المتطوعون والمتبرعون في الصخر لعمل الخير، لكن عامل الخير يبدو كالمتهم هناك.المهم تم توزيع الجزء الأصغر من هذه المجلات وتم التحفظ على بقية الأعداد في المخزن، والسبب مازال مجهولاً، وكانت هذه المؤسسة ترغب في تزويد الأيتام في دور الرعاية بـ300 نسخة مجانية وبصفة أسبوعية، لكن بعد العرقلة التي تعرضت المؤسسة لها طلبت من موظفها في الكويت الاكتفاء بما تبرعت به نظراً لعدم تفاعل وتعاون القائمين على دور الرعاية معها بصفة ودية... وهذه الحكاية حدثت منذ أعوام قليلة ماضية. مما يعني أن الفساد مازال يمارس هناك، وقمع هذه الفئة وحرمانها من رحمة الآخرين وحبهم وتعاطفهم مازال يمارس ضد أبنائها، ناهيك عن أنهم «النزلاء» كما سمعت يعانون ضرباً وتوبيخاً من جانب بعض المشرفين عليهم.يحزنني أن رسائل التعاطف والتأييد وصلتني من متطوعات وموظفين وقراء، لكن لا مكان للمسؤولين الشرفاء من هذه الرسائل، فعلى الرغم من يقيني أنهم موجودون فإنني أنادي وللمرة الثانية أن يتم الالتفات إلى هذه الفئة المسحوقة، بسبب قسوة المجتمع عليهم من المؤسسة التي ترعاهم والتي يغفل أغلبنا كيف تتم معاملتهم داخل الأبواب المغلقة.أرجع لأقول: يكمن الحل في جعل جهة عليا تقوم بتوفير اختصاصيين واختصاصيات اجتماعيين بالإضافة إلى أطباء نفسيين لمعاينتهم نفسيا، وما يتعرضون له من ضغوط، ويجب أن يخضعوا هم والمشرفون عليهم للاختبارات الطبية والنفسية في فترات معينة, وأن تكون هذه الزيارات مفاجئة حتى لا يتم الإعداد لها مسبقاً، ويجب أن ترصد أي مخالفات إنسانية تمارس في حقوقهم، وأن يتعرض للمساءلة القانونية أولئك الذين يتعاملون معهم بدون إنسانية.فهناك مع كل أسف أشخاص لا يملكون الضمير ولا يخافون عدالة السماء التي ستنتقم منهم يوما، بل تخيفهم المخالفات والعقوبات الدنيوية، لذا وجب فرض الرقابة حتى لا يستمر هذا التسيب أعواماً قادمة، ماذا نحتاج لوقف هذه المهزلة في حق الإنسانية؟ فلست أملك سوى قلمي، أما أنت أيها المسؤول فتملك الكثير، فارحم من في الأرض ليرحمك من في السماء.قفلة: قمت أنا ومجموعة «حياة» التطوعية بعمل حفل في «مركز عبير2» المهتم بالمعاقين من جميع الأعمار وجميع الفئات، وصدمت بمدى تفاني العاملين في هذه المؤسسة الذين لم يتوانوا عن إسعاد إخواننا من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين رغم اختلاف إعاقاتهم وتباين أعمارهم، فإن هذا المركز سخر لهم بيتاً مزوداً بالورش العملية وغرف التدليك العلاجي، وكل ذلك بمجهود شخصي وبدعم أشخاص، أرفع لهم قبعتي تحية وإجلالاً لخدماتهم، فشتان ما بين ما رأيته عندهم وما رأيته في «دور الرعاية»، فالفارق يكمن في الضمير!
مقالات
منظور آخر: دور الرعاية «لا تبوق لا تخاف» (2)!
15-04-2011