جرف الـ"تسونامي" المصري، مع مَن جرف، الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي ما إن تيقن من أن عهد الرئيس حسني مبارك راحل لا محالة حتى اتجه نحو ميدان التحرير هرولة ليعلن من هناك، ناسياً ومتناسياً موقعه، أنه على استعداد لتولي أي منصب يختاره له الشعب المصري، وبالطبع فإن هذا المنصب الذي بقي يحلم به حتى عندما كان سفيراً لبلاده في الولايات المتحدة ووزيراً لخارجيتها هو موقع رئاسة الجمهورية، الذي احتله خلال نحو ستين عاماً ثلاثة رؤساء هم: جمال عبدالناصر ومحمد أنور السادات وهذا الرئيس الحالي حسني مبارك.
وبالطبع، لا اعتراض إطلاقاً على أن يرشح عمرو موسى نفسه خلفاً للرئيس مبارك، وأن يركب موجة ميدان التحرير مع مَن ركب، وهؤلاء كثر، إذا لم يكن يتبوأ هذا المنصب العربي الذي يتبوؤه وهو موقع الأمين العام لجامعة الدول العربية، وكان عليه أن يكون محايداً ولا يحق له بناءً على هذا أن يزج بنفسه في شأن مصري داخلي لا يحق لأي أحد من غير المصريين أن يتدخل فيه.لقد قال عمرو موسى، وهو يبدي استعداده للاستجابة لإرادة شعب مصر، إنْ أراده لأي موقع أو منصب، والمقصود هنا هو رئاسة الجمهورية، إنه مواطن مصري، وإن من حقه أن يتصرف على هذا الأساس، وهذا صحيح ولا نقاش فيه، لكن عليه قبل هذا أن يغادر موقعه الحالي الذي هو موقع عربي أو يستأذن وزراء الخارجية العرب، وأن يحصل على موافقتهم قبل أن يتوجه إلى ميدان التحرير.المعروف أن الدول العربية تختلف في الكثير من القضايا الملتهبة في منطقة الشرق الأوسط وكذلك في العالم، وأن هناك عرباً عاربة وعرباً مستعربة ومعسكر اعتدال ومعسكراً يصر على أنه معسكر مقاومة وممانعة مع أنه لا يقاوم ولا يمانع، ومع ذلك فإن جميع هؤلاء وأولئك قد تحملوا "نطنطات" عمرو موسى "الأكروباتية" واستوعبوا أنه مرة يميل إلى هذا الاتجاه ومرة أخرى يميل إلى الاتجاه الآخر، وأنه عندما يكون الموسم موسم استذكار عبدالناصر يتقمَّص الناصرية في كل استعراض وحركة.لم يعترض أحد، على الأقل في العلن، على أن ينحاز أمين الجامعة العربية إلى الطرف الذي تربطه صلة قُربى سياسية مع "فِسْطاط الممانعة" بالنسبة للصراع في لبنان وفي العراق وحتى في فلسطين، أما أن ينسى عمرو موسى، بينما لا يزال حسني مبارك يتمسك بكرسي رئاسة الجمهورية في قصر العروبة في القاهرة، أنه أمين عام جامعة الدول العربية ويذهب إلى ميدان التحرير ليتحدث بلغة قريبة من لغة محمد البرادعي فإن هذا غير جائز على الإطلاق، وإن هذا خطأ يجب أن يُسأل عنه من قبل الدول العربية التي هو موظف عندها، والتي كان عليه أن يأخذ رأيها قبل أن ينحاز إلى الطرف المصري المناوئ لرئيس إحدى هذه الدول العربية.
مقالات
مشكلة الأمين العام !
11-02-2011