هل كان هؤلاء الرؤساء والحكام الذين حكموا بلاداً عربية شاسعة طوال عقود من الزمن هم أنفسهم الذين كانوا يوصفون بالحكمة وبعد النظر والعبقرية السياسية حتى يناير 2011؟
هل هم فعلاً أم خيالهم؟ أم أنهم كانوا رؤساء افتراضيين، هل ينم سلوكهم وردود أفعالهم وطبيعة تعاملهم مع الأشياء إلا عن شيء واحد فقط، فقد أدركنا الآن سبب تخلف الأمة العربية عن الركب العالمي، وأدركنا بالدليل القاطع أنهم هم لا غيرهم، ولا حاشيتهم، أو من حولهم، كانوا سبباً أساسياً في انهيار مقياس الكرامة العربية من محيطها إلى خليجها، وأنه لا سبيل لهذه الأمة أن تصبح شيئاً ما، ويصبح البشر فيها أناساً مثلهم مثل الناس العاديين وليسوا كماً مهملاً كما هو واقع الحال، إلا برحيل هؤلاء الحكام الافتراضيين. في إطار ردود أفعالهم على ساعة النهاية، أو بوادرها كانوا نماذج مترهلة لكيف يكون الخطاب، فلنتخيل زين العابدين بن علي يتحدث عن شغفه بالحرية ولا «رئاسة مدى الحياة» أو الرئيس حسني مبارك يتحدث عن عدم رغبته في المنصب أو حديث الرئيس بشار الأسد عن حرصه على كرامة الشعب أو قناعاته الأكيدة بأن «رفع حالة الطوارئ سيؤدي إلى تعزيز الأمن»، إذاً لماذا لا ترفع، فلا تسمع إلا صدى للذات يصم الآذان، أو خطاب الرئيس بوتفليقة الإصلاحي في هذه اللحظة المريضة وهو الذي كان وزيراً في حكومة قبل أن يولد أوباما.الرئيس علي صالح في المقابل اختار أن يدفع بدور المرأة قدماً في المجتمع فهاجم معارضيه بأنهم يختلطون وأن اختلاطهم يخالف الشريعة الإسلامية، حيث إنه هو سيف الله في الأرض، وهو ممثلها.بالطبع إن شئت أن تبحث في الرؤساء وعلاقتهم بالخيال العلمي فعليك أن تركز على معمر القذافي وتحدق في كل شيء فيه من رأسه إلى أخمص قدميه، فهو على أية حال ليس رئيساً لليبيا ولكنه شيء ما، خيال ما، علاقة أكيدة بالخيال العلمي أو في أحسن الأحوال الحلقة المفقودة، لتشارلز دارون.كيف استطاع القذافي أن يجمع صفات القائد، والعقيد، والفقيد، والمهرج، والملهم، والرئيس، واللارئيس في شخصية واحدة، ربما لأنه لا شخصية بل خيال مطلق.
أخر كلام
رؤساء خياليون
18-04-2011