لم يعد سراً القول إن استقالة الحكومة الأخيرة كانت بسبب خلافات حادة داخل أفراد الأسرة. تمحورت تلك التباينات حول كيفية التعامل مع الاستجوابات التي تم تقديمها أو تلك التي أعلن عنها. وبغض النظر عن جدية هذا الاستجواب أو ذاك فخلافات الأسرة أصبحت أمراً علنياً لا جدوى لدسه تحت السجادة والحديث عن تماسك مزعوم.
وعلى أي حال فليس كل ما يأتي عن الخلافات داخل الأسرة الحاكمة بالضرورة شراً مستطيراً، فإسهامات الشيخ عبدالله السالم، رحمه الله، جاءت من رحم خلاف طويل الأمد مع الشيخ أحمد الجابر، رحمه الله. وقد بدأت بوادر ذلك الخلاف بعيد وفاة الشيخ سالم المبارك، رحمه الله، في 1921، وحدوث حراك شعبي يطالب الأسرة بالاحتكام إلى مبادئ التشاور مع الشعب، وإنشاء مجلس شورى وترشيح ثلاثة يتم اختيار أحدهم للإمارة، وهم الشيوخ أحمد الجابر وحمد المبارك وعبدالله السالم، والتي على أثرها تم اختيار الشيخ أحمد الجابر حاكماً وأميراً امتد حكمه إلى 29 عاماً حتى وفاته في يناير 1950. وبما أن عبدالله السالم اعتبر أنه كان الأحق بالإمارة وبالتالي العزوف والاختلاف مع طريقة إدارة الدولة، يضاف إلى ذلك وبسبب بساطة شؤون الدولة حينذاك، فقد لجأ إلى كثرة الأسفار، الأمر الذي منحه فرصة للتأمل وربما قدرة عالية على التسامح. وهكذا كان عبدالله السالم مغرداً خارج سرب الأسرة. وهكذا ضمن مكونات ومعطيات سياسية أخرى، جاء عبدالله السالم بعد الاستقلال سنة 1961، وفي إطار رؤيته غير التقليدية لطريقة إدارة الدولة، ليسهم إسهاماً بارزاً في خروج الدستور الكويتي إلى الوجود سنة 1962، حيث لم يكن الدستور بحد ذاته صيغة مقبولة لدى بعض أفراد الأسرة.إشكالية خلافات الأسرة لن تتوقف ولن تنتهي، وهي تعكس واقع الحال، وعلينا أن نتعايش معها سياسياً كما يجب، وكما أسلفنا فقد ينتج عنها ما هو خير وغالباً ما ينتج العكس، إلا أنها في واقعنا الحالي ليست على ما يرام وهي تقود البلد إلى الخراب والوجوم والتراجع، ولعل الحل الأمثل، بعد أن أصبحت أمراً واقعاً لا فكاك منه وحتى يأتي زمن الملكية الدستورية الحقيقية، أن يركز رواد الخلاف على الانفتاح الشعبي ودعم الحريات وتعزيز الديمقراطية، وإلا فإنه لن يعبر إلا عن خلافات شخصية وصراع على نفوذ، وذلك ليس إلا طامة كبرى وبالذات في إطار الحراك الشعبي العربي العارم.
أخر كلام
إشكالية خلافات الأسرة
06-04-2011