يوماً بعد يوم وتحقيقات النيابة العامة المستمرة لم تنقطع في كشف المزيد من المفاجآت التي تحويها قضية تعذيب المواطن محمد الميموني، وأبرز تلك المفاجآت برأيي هو بحث الداخلية عن الجاني الحقيقي من أعضاء وزارة الداخلية، بينما جرت العادة أن تبحث وزارة الداخلية عن جانٍ كما جرى العرف يكون من خارج الوزارة، لكن اللغز برأيي والشفرة حتى الآن لم تفك، لأن في الأمر مفاجأة كبرى لم يحن القدر بعد لكشفها ورب العباد وحده يعلم متى وقت كشفها. وأعتقد أن هناك ثلاثة معطيات تحققت، هي وراء مشاهدتنا لهذا المسلسل الكئيب والمخجل والمقزز والوحشي بكل صوره، والذي ستنتهي فصوله بالتأكيد هذا الأسبوع، وأول هذه المعطيات هو إنشاء وزارة الداخلية لجنة حيادية تعمل بصدق ومهنية لمواجهة الحقيقة، وثاني تلك المعطيات هي جرأة المواطن صياح الرشيدي في الكشف عما حدث عنه، وأخيراً بحث النيابة العامة العميق وفطنة وكيل النيابة سالم العسعوسي الذي تولى التحقيق، وبتحقق تلك المعطيات الثلاثة مازالت مشاهد مسلسل تعذيب المواطن محمد الميموني مستمرة، والذي بدأت حلقاته بإعلان الوفاة ثم بسرعة إعلان وزارة الداخلية أنه ضبط يوم 8/1/2011 على ذمة قضية خمور، ووفاته جاءت طبيعية نتيجة لمقاومته رجال المباحث، وأن الوزارة شكلت لجنة للتحقيق، ثم تطور المسلسل بتصعيد نيابي غير مسبوق بالتهديد بالاستجواب أرجئ بعد أن تقدم نواب بطلب لجنة تحقيق برلمانية في الأمر انتهت من أعمالها وتعلن عن تقريرها هذا الأسبوع، وقد تكون مادته إما داعمة لاستجواب الوزير المزمع تقديمه هذا الأسبوع، وإما مبرئة للوزير، ثم سابقت لجنة التحقيق الحيادية الزمن فنجحت في البحث عن الجاني الحقيقي فوجدت العديد من الجناة بعدما أجرت تحرياتها واستمعت لأقوال المواطن الجريء صياح الرشيدي من محبسه، ونجحت في اكتشاف وكر التعذيب السري وهو جاخور في منطقة كبد، وأخيراً نجح وكيل النيابة العامة بأبعد ما كنا نريد من كشفنا للحقيقة، ذهب إلى حيث الجريمة وإلى تسلسلها المكاني إلى منزل المتوفى إلى مكان التعذيب السري وإلى مكان التعذيب المعتاد وهو مقر المباحث، والذي عثر فيه على كل أدوات التعذيب ليثبت بالدليل القاطع عدم صحة كل الأكاذيب التي كانت تطلق يميناً وشمالاً من أن المتهمين طوال فترة حجزهم لمدة 4 أيام قاسية لا يتلقون أي تعذيب بل إنهم يكونون معززين مكرمين، وربما يتناولون الحلوى مع رجال المباحث!
إن مسلسل محمد الميموني الكئيب والذي ستعلن حلقاته قبل الأخيرة هذا الأسبوع إما بكشف المفاجأة المتوقعة عن ماهية الأسباب الشخصية التي دعت الجناة إلى فعل ما فعلوه، وإما بإحالتهم على النحو الذي توقفت إليه التحريات إلى السجن المركزي تمهيداً لعرضهم أمام القضاء، وإما أن يدخل القضية كبار وعظام يجلجلون الحدث أكثر مما هو عليه مجلل!في الختام أتمنى على السادة النواب، وهم في طريقهم لمحاسبة المسؤولين في وزارة الداخلية سياسياً أن يعوا أن لهم دورا أساسيا بأن يقللوا بتشريع فترة احتجاز المتهم من 4 أيام إلى يومين، وهي فترة كافية للتحريات وبالإمكان تقديم تحريات تكميلية عن الواقعة، وأن يفصلوا كل من الإدارة العامة للتحقيقات والأدلة الجنائية عن وزارة الداخلية بعد أن تيقنوا بأعينهم ماذا يحدث بالمخافر أو بالتقارير الطبية الأولية، وأن يعينوا هذا الوزير أو غيره من المقبلين على خطة لإصلاح وضع الإدارة العامة للمباحث الجنائية، لا أن يكون دور النواب الكرام فقط المساءلة السياسية.
مقالات
مرافعة مفاجآت الميموني تنتهي هذا الأسبوع!
23-01-2011